سبورناظور : مروان متشيخ
مروان متشيخ طالب باحث في ماستر اللغات و الثقافات المغربية و البيئية يكتب :
” إن ما نتجه الحجر الصحي من مضاعفات سلبية تتجلى فيما هو نفسي و اجتماعي, و به أصبح المجتمع يفتقد للعلوم الإنسانية بما فيها السيكولوجيا و السوسيولوجيا بشتى فروعها لتلعب دورها المهم و تقدم الدعم النفسي-الاجتماعي, كذا تفسير السلوك المعرفي و الوجداني للفرد لما تسبب فيه الحجر الصحي من مشاكل نفسية من قبيل ( الاكتئاب,التوتر…) مما أدى ذلك إلى انعكاس سلبي على الأسرة (مشاكل أسرية) مما جعل العديد من الدارسين و الباحثين الأكاديميين في مجال علوم التربية و السيكولوجيا و السوسيولوجيا, يَتَعَجلون في تنظيم ندوات رقمية على مواقع التواصل الإجتماعي هدفها الدعم و التأطير وكذا على الإذاعات التلفزية أو الراديو كي تصل الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من الشريحة المجتمعية.
بما أن المجتمع كان بأمس الحاجة إلى العلوم الإنسانية و هذه الأخيرة كانت غائبة لتصوغ برامج سياسية, كي تصبح كل البرامج و القرارات بعيدة كل البعد و منفصلة عن الواقع المعاش, و به يتبين لنا أن كل التصورات النمطية و الأحكام المسبقة التي تذهب في منحى اختزال الأفراد في أدوار مفبركة مسبقا في قوالب ايديولوجية هدفها السيطرة و الخنوع ( الجواب بنعم في كل الحالات) .
إن العلوم الإنسانية هي الطريق الأمثل لفهم الإنسان في حركيته و ديناميكياته المتعددة و عدم اختزاله في شعارات رنانة و خطابات فضفاضة, إن كان حقا النموذج التنموي المبحوث عنه يستهدف تنمية الإنسان لجعله عنصرا فعالا في عملية التنمية الشاملة وبالتالي نرى ذلك في أفعاله و ممارساته.
إن كورونا لها دور فعال في فضح هشاشة المجتمع الفكرية و عرت عن الواقع الذي كنا نعيشه المليئ وهما, نفاقا, كذبا, حقدا, بغضا, نميمة و غيرها من الصفات الذميمة و الظواهر التي أهلكتنا قبل مجيئ كورونا, مما لا شك فيه بأن كل واحد منا يشكر هذه الجائحة على مجيئها, و إن لم يكن ذلك جهرا و علانية, ففي وجدانه. اكتشفت و الكثير بأن العلم و المعرفة وحده من يستطيع مقارعة ذلك و التصدي له. شكرا كورونا لأنك تحدثت عن فئات عريضة من المجتمع تعيش الهشاشة و الفقر و هي الفئات التي يمكن أن نلقبها بالفئات الصامتة.
شكرا كورونا لأنك أزلت اللثام عن عيون تمارس العمى المنظم و ترى ما يحلو لها و ما هو نفع لها.
شكرا كورونا لأنك جعلتنا ننظر بعبن الرحمة للمشردين و كأنهم لم يكونوا, شكرا لأنك أدركت الجمعيات الخيرية دورها بعدما سارعت إلى إيواء هؤلاء المشردين و العناية بهم, كأنه الإكتشاف العظيم لمزاولة العمل الاجتماعي التطوعي”.