الجزائر تُغلق أفواه الصحفيين بسبب الحقيقة: توقيف برامج رياضية لإشادة بسيطة بالمغرب
سبورناظور : أيمن الملالي
في خطوة أثارت موجة استنكار واسعة، أقدمت السلطات الجزائرية على توقيف برامج رياضية شهيرة، من بينها برنامج “ستاد النهار”، فقط لأن صحفيين جزائريين تجرأوا على الإشادة بحفاوة الاستقبال المغربي لنادي قسنطينة خلال مشاركته القارية. هذه الإشادة، التي لم تتجاوز بضع كلمات امتنان، قوبلت برد فعل قمعي يعكس حجم التضييق المفروض على حرية التعبير في الإعلام الرياضي الجزائري.
مصادر مطلعة أكدت أن قرار التوقيف صدر بشكل مباشر بعد بث تصريحات إعلاميين أشادوا بالأجواء الأخوية التي سادت المباراة، ومعاملة الجماهير المغربية لنظرائهم الجزائريين. وبحسب ذات المصادر، فإن هذه التصريحات أغضبت القيادة العسكرية في الجزائر، التي اعتبرتها خروجًا عن “الخط التحريري الرسمي” الذي يفرض عداءً ممنهجًا تجاه المغرب.
هذا الحادث يعكس بوضوح كيف يُدار الإعلام في الجزائر، حيث يُطلب من الصحفي أن يتحول إلى أداة دعاية، لا ناقلًا للحقيقة ولا ناقشًا للواقع. الإعلاميون الذين عبّروا عن امتنانهم لسلوك حضاري وإنساني، وجدوا أنفسهم في مواجهة عقوبات تعسفية، فقط لأنهم اختاروا الصدق بدل التزييف، والانفتاح بدل الاصطفاف الأعمى.
برنامج “ستاد النهار”، الذي يحظى بمتابعة واسعة في أوساط الرياضيين والمشجعين، لم يرتكب أي تجاوز مهني أو أخلاقي، بل عرض وجهًا من أوجه التواصل الشعبي الحقيقي بين الشعبين الشقيقين. ورغم ذلك، جاء الرد عنيفًا من المؤسسة العسكرية، التي ترى في كل لحظة تقارب مغربي جزائري خطرًا على بقائها.
النظام الجزائري، من خلال هذه الممارسات، يُثبت مجددًا أن معركته ليست مع المغرب بقدر ما هي مع كل صوت حر، وكل محاولة لبناء جسور الثقة بين شعوب المنطقة. فبدل أن يُوظف الإعلام كأداة للتقارب وتخفيف التوترات، يتم تحويله إلى سلاح لنشر الكراهية وتأجيج الانقسامات.
ويبقى السؤال: إلى متى ستظل الحقيقة ضحية لحسابات سياسية بائدة؟ الإعلاميون الذين تم إسكاتهم لم يتحدثوا باسم حكومات، بل عبروا عن مشاعر شعبية تلقائية، تعكس رغبة حقيقية في المصالحة والتآخي. غير أن هذه الرغبة تصطدم بجدار عسكري يرفض أن يرى في المغرب سوى “عدو دائم”، حتى لو غمرهم بالورود.