مشاكل النقل والدعم والصراعات السياسية ترخي بظلالها على البطولة
تعيش بطولة الهواة لكرة القدم مشاكل كثيرة، تتلخص في الملاعب والنقل والموارد المالية، ما يؤثر غالبا على ظروف الممارسة ، التي تكون في بعض الأحيان صعبة جدا.
ورغم الدعم الذي حاولت الجامعة الملكية لكرة القدم تخصيصه لفرق الهواة في السنوات الأخيرة، من إصلاح للملاعب، ورفع من المنحة المالية، غير أن ذلك لا يعني حلا للمشاكل الكثيرة التي ترافق هذه الفرق، التي تعتبر نفسها أكبر خزان للاعبين، والتي من المفروض أن يكون الاهتمام بها أكبر.
في زيارات ”الصباح الرياضي” لفرق بالهواة، على غرار نجم الشباب الذي يلعب بالقسم الوطني الثاني هواة، والاتحاد البيضاوي الذي يلعب بالقسم الأول هواة، عاينا فوارق كبيرة في الإمكانيات واللوجيستيك وغيرها، تساهم في اختلاف نتائج الفرق وأهدافها وظروف الممارسة فيها.
تعتبر الملاعب في أقسام الهواة، المعضلة الكبرى للأندية، والتي حاولت الجامعة حلها في الفترة الأخيرة، بإغلاق بعض الملاعب من أجل القيام ببعض الإصلاحات، تهم العشب الاصطناعي والمرافق الضرورية، من أجل تطوير الممارسة لدى هذه الفرق.
وخففت الجامعة من حدة أزمة الملاعب، التي من المفروض أن تتكلف بها الجماعات المحلية، لكن الحسابات السياسية وعدم اهتمام المنتخبين بالرياضة حال دون ذلك.
وعانت فرق الهواة سوء الملاعب التي لم تكن تتوفر جلها على أبسط ظروف الممارسة، إذ كانت فرق تعتبرها سببا رئيسيا في عدم تحقيقها للنهضة المنتظرة من طرف الجماهير والمتتبعين بالمنطقة.
وفي وقت سابق، قررت لحنة البنيات التحتية التابعة للجامعة كرة القدم، والتي يرأسها عبد المالك أبرون، رئيس المغرب التطواني، وبتعاون مع العصبة الوطنية للهواة، تعشيب 90 ملعبا بالعشب الاصطناعي، إذ قسمت العملية على قسمين، تشمل الأولى 55 ملعبا، وثانية 35.
واعتبر قرار الجامعة طفرة في الهواة، بحكم أنه سيكون منطلقا لتحسين وضعية هذه الفرق التي تشكل القاعدة، والتي تعرف متابعة جماهيرية كبيرة في المدن والجهات الوطنية.
الاستفادة عمت كل الجهات
حددت الجامعة المستفيدين من مناطق مختلفة في المغرب، إذ تستفيد جهة الصحراء من 10 ملاعب، بأسا الزاك والداخلة والوطية والمرسة والعيون والسمارة وطاطا وأخفنير، فيما اختير 12 ملعبا في الجهة الشرقية وهي ملاعب تاوريرت والدريوش والزغنغن وجرادة والناظور ووجدة، ثم 6 ملاعب بجهة الجنوب في مراكش وزاكورة ومراكش.
ولم تستثن الجهات الأخرى من برنامج الجامعة، إذ اختيرت 6 ملاعب بجهة سوس في أكادير وتافراوت وتارودانت والجرف والدشيرة، ثم 14 ملعبا في الغرب في سوق أربعاء الغرب وتيفلت والمامون والرباط والقنيطرة والصخيرات والخميسات ومولاي بوسلهام وسلا وسيدي سليمان، و7 ملاعب في الشمال بتطوان وأصيلة وشفشاون والفنيدق ووزان، و4 ملاعب بمكناس وتولال وتنغير وأرفود.
وبخصوص جهة الدار البيضاء، حدد المشروع 9 ملاعب في سيدي مومن وسيدي عثمان والصخور السوداء وسباتة والمحمدية والمعاريف والحي المحمدي، فيما تستفيد جهة عبدة دكالة من 6 ملاعب في الشماعية والجديدة وأزمور وجمعية سحيم، ثم 6 ملاعب إضافية بجهة تادلة في الكارة وسوق السبت وأزيلال والدروة.
ورصدت الجامعة لمشروعها 53 مليارا ونصف مليار، فيما بلغت تكاليف مكاتب الدراسات 7 ملايير سنتيم.
وتمكنت الجامعة من الوفاء بنسبة كبيرة من وعودها في عدد من الملاعب، إذ سلمت ابتداء من أكتوبر الماضي، ملاعب معشوشبة بالعشب الاصطناعي، وصالحة لإجراء مباريات البطولة، وذلك بحضور مسؤولي الأقاليم وممثلي المجالس المنتخبة وغيرهم من الشخصيات الرياضية والسياسية، التي اعتبرت الخطوة جيدة نحو منح فرق الهواة الاهتمام والدعم الذي تستحقه. من خلال افتتاح ملاعب الكارة وأحمد لشهب في الجديدة، و مراكش وأكادير ووجدة والناظور وتاوريرت وجرادة والدريوش وفاس وأرفود وتنجداد ويعقوب المنصور وعين عودة وسوق السبت وأحد السوالم والناظور وتاوريرت وبنسودة والسعديين في فاس وأرفود وتنجداد وتولال في مكناس تافيلالت وسيدي سليمان وأصيلا ووزان والشماعية وجمعية سحيم.
وسلمت الجامعة ملاعب بشفشاون ومراكش والدار البيضاء وجرادة والزغنغن والدريوش ووجدة وتطوان وأزمور، والكارة وأكادير والجديدة والناظور وفاس وتنجداد وتاوريرت وأرفود وسوق السبت وحد السوالم ومكناس.
وخصصت الجامعة الملكية لكرة القدم، للشركات التي تعمل في تكسية هذه الملاعب بالعشب الاصطناعي كل الظروف المواتية للعمل، شريطة الالتزام بالتوقيت، من أجل مد فرق عديدة بالهواة بملاعبها في الوقت المحدد مسبقا.
النقل… معاناة أخرى
يعتبر النقل من أبرز المشاكل التي تعانيها فرق الهواة، إذ لجأ البعض منها إلى المقاطعة احتجاجا على عدم إيجاد حلول عملية، تقيهم من التنقلات الماراثونية.
وقبل سنوات قليلة، شكل مشكل النقل أزمة كبيرة بين الجامعة وفرق الصحراء، إذ اضطر بعضها إلى مقاطعة البطولة والاعتذار، مهددة بالانسحاب النهائي ما لم تجد الجامعة الوصية حلا قريبا.
وحاولت بعض فرق الهواة طرق أبواب كثيرة في الفترة السابقة، بل لجأ بعضها إلى بعث رسالة إلى محمد حصاد، وزير الداخلية من أجل إيجاد حل لمشكل النقل، الذي يكلف هذه الفرق تكاليف مالية كبيرة، فيما راسلت هذه الفرق وزارة الشباب والرياضة.
وعند قدوم فوزي لقجع، رئيس الجامعة الحالي، رفعت فرق الهواة مطالب كثيرة إليه، تتضمن بالأساس حل مشكل النقل، إذ لقوا ترحابا من الرئيس الجديد، الذي وعد بالنظر في كل مطالبهم، على اعتبار شرعيتها.
ولم تنتظر الجامعة طويلا لتلبية مطلب توفير حافلات لفرق الهواة، إذ تسلمت فرق الصحراء حافلات من نوع «مان»، في بداية السنة الماضية، في انتظار تعميم الفكرة على باقي الفرق.
عصبة الهواة … بداية الانفراج
ولتوفير الظروف المواتية لأندية الهواة، من أجل تسيير أمورها بنفسها ودراسة كل الطلبات التي تهم تطوير الممارسة في القسمين الأول والثاني، أسست الجامعة العصبة الوطنية للهواة، من أجل منح جهاز معترف به، ملف المشاكل التي تعانيها الفرق، من نقل ودعم مالي وملاعب وغيرها من المشاكل.
وأعلن عن تشكيل عصبة الهواة في شتنبر الماضي، إذ ترأسها جمال السنوسي، رئيس سطاد المغربي، وذلك بعد فوزه بثقة 86 صوتا مقابل 34 لمنافسه أحمد بريجة، مستغلا ثقة الأندية وتجربته بأقسام الهواة رفقة ناديه سطاد المغربي.
واعتبر السنوسي بعد منحه ثقة قيادة فرق الهواة، أن انتخابه تكليف، سيكون عليه بلورته في المستقبل لإيجاد حلول عملية لمشاكل هذه الفئة.
وأكد السنوسي أن عمل العصبة، سيكون أولا توفير الدعم للأندية من أجل تطوير أدائها التقني، عبر تطوير ظروف الممارسة، وإشراك الجميع في مشاريعه المقبلة، لخدمة فرق الهواة.
واختار السنوسي إشراك أغلب الأندية في مكتبه المسير، من أجل لم شمل الهواة، الذين يعانون المشاكل ذاتها.
وضمت لائحة السنوسي، محمد لشكر من شباب الساقية الحمراء، ورشيد الإدريسي من رجاء بنسودة، ومحمد بنيونس من شباب بنكرير، ومحمد الرمضاني من فتح الناظور، وحكيم الرحموني من فتح وسلان، وحسن بوتباعة من أشبال التعاون، ومحمد الصبيحي من نهضة مرتيل، وعبد الهادي توفيق من الثبات البيضاوي، ومحمد الماكوري من أمل سوق السبت، وعلي بكعل من نجاح سوس، وهي اللائحة التي تم تعزيزها بكافاءات اخرى، لتشكيل المكتب المديري.
وسارعت فرق الهواة برفع مطالبها الأساسية إلى العصبة، أبرزها النقل والملاعب والدعم المالي، إذ طالبت بمواصلة الإصلاح من أجل الرقي بمستوى الممارسة في أقسام الهواة.
وسارع السنوسي منذ انتخابه إلى تهدئة الأوضاع وبعث تطمينات إلى رؤساء الأندية بضرورة الالتفاف حول العصبة من أجل تحقيق كل الطلبات، وتمكين فرق الهواة من ظروف ممارسة أفضل، ودعم مالي محترم، يساعدها على تحقيق أهدافها، ولعب دور محوري في كرة القدم الوطنية مستقبلا، في انتظار البحث عن محتضنين ومستشهرين وتحقيق مكتسبات أخرى.
المنتخبون في قفص الاتهام
تطالب أندية الهواة بتدخل الدولة لتنظيم الدعم المقدم لها من قبل المجالس المنتخبة في المدن والأقاليم والجهات، لكي لا يبقى رهينا بمزاج المنتخبين والحسابات السياسية.
وفي هذا الصدد، راسل جمال السنوسي، رؤساء الجهات من أجل دعم أندية الهواة، ووضع سلم محدد من شانه أن يحمي الأندية من استغلالها لخدمة الأغراض السياسية، وتكرار حالات أندية عديدة دمرتها الصراعات السياسية، أو وجدت نفسها دون دعم مالي بعد الانتخابات الجماعية الأخيرة.
وينتظر أن يراسل السنوسي عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، لإصدار قرارات تنظم الدعم المالي الموجه إلى أندية الهواة.
وتطالب الأندية بحل مشكلة النقل، ورفع قيمة الدعم المالي المقدم من قبل الجامعة، لكي تتمكن من توقيع عقود مع لاعبيها وتحسين ظروف الممارسة والاهتمام بالتكوين، فيما تطالب أخرى وزارة الشباب والرياضية بالتكلف بمصاريف المدربين.
إنجاز: العقيد درغام