تفاصيل “ملحمة وجدة”..أو حينما تتربع “الحسنية” على عرش جهة الشرق
سيظل يوم 22 ماي 2016 راسخا في أذهان كل محبي كرة القدم بمدينة جرسيف،بعد أن دخل الجيل الحالي لفريق “حسنية جرسيف” التاريخ من أوسع أبوابه،حينما ضرب عدة عصافير بحجر واحد.فهو بطل عصبة الشرق لموسم 2015/2016 وسيخلد إسمه في سجل الأندية التي فازت بهذا اللقب،وأيضا هو المتأهل عنها للقسم الوطني الثاني هواة،بالإضافة الى أنه الفريق الأول الذي يتوج بلقب العصبة بعد إقرار الجهوية المتقدمة أواخر السنة الماضية.
هي إنجازات تحققت بفضل مجهودات سنة كاملة آمن فيها المكتب المسير و معه اللاعبون بإمكانياتهم وقاتلوا بشراسة لنيل حقهم المشروع و تحقيق طموحات ساكنة جرسيف للفوز و احتلال المرتبة التي يستحقها كرويا على الصعيد الوطني.إنه الحلم الذي أصبح حقيقة و الذي اخرس كل المشككين و المشوشين و الذين لا يريدون أن ينسب الفوز الى مكتب جديد يقوده مدير المجموعة الإعلامية “هبة بريس” و الذي ضخ أموالا من ماله الخاص ومن مال جمعيته لتأمين مصاريف الفريق في غياب الدعم الكافي من طرف المانحين وتأخر مسطرة التوصل به.فكانت مغامرة من شاب غيور اعتقدها بعضهم أنها نهايته و أنه ألقى بنفسه في المجهول.
ولأن الأعمال بالنيات،فكانت النتيجة باهرة أخرجت مدينة جرسيف عن بكرة أبيها في ليلة لن تنسى سريعا و تؤكد بالملموس تعطش الشعب للفرح و للإحتفال و ترسل مسيرة الجماهير التي جابت كافة أحياء المدينة بعشرات السيارات من مختلف الأحجام وبأعداد قياسية من المشجعين رسالة واضحة الى من بيدهم شأن الرياضة،من سلطات عمومية و منتخبة ،مفادها أن الوقت قد حان لدعم هذا الفريق وتبني مشروع طموح لكي يكون تنافسيا في المستقبل،ولنا في “شباب الريف الحسيمي” أو “نهضة بركان” لخير مثال يحتذى به في هذا المجال، و اللذان كانا الى عهد قريب جدا ينشطان في نفس القسم الذي نحن فيه الآن.
وبالعودة الى المقابلة التاريخية لحسنية جرسيف بطل مجموعة الجنوب بالعصبة ضد أمل العروي بطل مجموعة الشمال،على أرضية الملعب البلدي بوجدة،والتي انطلقت في تمام الساعة الرابعة و 5 دقائق،فقد بدا منذ البداية تمركز اللاعبين الجرسيفيين بشكل جيد على أرضية الملعب و كانوا الأفضل طيلة فترات الشوط الأول الذي عرف محاولات قليلة للتهديف بفعل الصرامة الدفاعية للفريقين،الى أن جاء هدف الخلاص على إثر ضربة خطأ مباشرة على مشارف مربع العمليات،في الدقيقة 32 من توقيع اللاعب محمد الضايف.
خلال الشوط الثاني نزل الفريق المنافس بكل ثقله لتعديل الكفة،والذي جاء بنية التأهل ولا شيئ غير ذلك،حيث بدا جليا مدى التنظيم و الإنزال الكثيف للجماهير الى الملعب يتقدمهم الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار و برلماني المدينة مصطفى المنصوري،وكل المؤشرات تؤكد أن الخسارة لم تكن في نية أشد المتشائمين من مكونات فريق “الامل”.وتحمل دفاع الحسنية الظغط الكبير الذي فرضه لاعبو العروي و كادوا أن يعادلو الكفة في محاولة خطيرة في الدقيقة 51 حينما علت الكرة العارضة بسنتيمترات قليلة.في المقابل كان للحارس الجرسيفي محمد الزواوي الدور الكبير في تأمين مرماه وزيادة الثقة في صفوف زملائه.
وأجرى مدرب الحسنية كريم خوخشي – الذي كان يساعده كل من إدريس ببوش (خبير التهييئ النفسي) وبنعيسى براك مدرب الحراس – ثلاثة تغييرات بإخراج اللاعب رقم 17 كريم الدافي ودخول اللاعب رقم 7 ياسين صوغار في الدقيقة 25،ودخول اللاعب رقم 9 عبد السلام التيداوي وخروج اللاعب الغيني صوما في الدقيقة 32،وخروج اللاعب رقم 14 محمد النوالي ودخول اللاعب سفيان صابر رقم 8 ،في الدقيقة 37.بينما حصل الفريق على إنذارين أولهما للاعب كريم الدافي في الدقيقة 24 والآخر للاعب عادل قرموطي في الدقيقة 58 لاحتجاجه غير المبرر على الحكم.وضيع فريق الحسنية محاولتين حقيقيتين للتسجيل، الأولى في الدقيقة 12 بعد تمريرة فوق الحارس في اتجاه المرمى وابعادها من طرف المدافع في الوقت الميت،والثانية في الدقيقة 38 والتي ضاعت ببشاعة حينما أخطأ اللاعب المرمى الفارغة.
وعقب المقابلة شهد الملعب أحداثا لا رياضية من جماهير “أمل العروي” التي لم تتقبل الهزيمة ومعها لاعبو الفريق،حيث أقدم بعض اللاعبون على تكسير دكتي الإحتياط للفريقين ورشق المنصة الشرفية والجهة المقابلة لجماهير الحسنية بالحصى و القارورات والأجسام البلاستيكية والمعدنية، أصيب على إثرها لاعب سابق للحسنية بجسم طائش على مستوى البطن،وكال بعض المحسوبين على الفريق أنواعا من السب والشتم لأعضاء العصبة،مما سبب حالة من الرعب والهلع في صفوف المسؤولين المتواجدين بها وفر الجميع الى وجهات آمنة،في وقت تم فيه إلغاء توزيع الكؤوس والميداليات على الفريقين لدواعي أمنية.
وكان المكتب المسير وبهدف تقديم الدعم المعنوي للاعبين،قد استدعى ممثل عن مجلس جهة الشرق في شخص نائب الرئيس والبرلماني سعيد بعزيز وممثلين عن المجلس الإقليمي و هما الرئيس أحمد عزوزي و محمد أزروال وأربعة أعضاء عن مجلس جماعة جرسيف وهم نواب الرئيس نور الدين عمير و سعيد الحافة و عبد الرحمن البرودي وجغفر الضيفي،والذين وصلوا مبكرا الى معسكر الفريق بحديقة “لالة عائشة” قبل التوجه الى الملعب ومرافقة البعثة و الجماهير التي حجت الى وجدة في قافلة واحدة الى جريسيف،وقام كل من رئيس المجلس الإقليمي و النائب الرابع للرئيس بتأدية بعض مصاريف الجماهير من مالهم الخاص من أجل اقتناء التذاكر و التغذية.
ولكن اللافت للإنتباه بعد هذا الفوز عند العودة الى جرسيف هو محاولة البعض الركوب على الحدث لتلميع صورتهم ونحن على أبواب الإنتخابات،رغم أنهم لم يقدموا أي دعم مادي أو معنوي للفريق طيلة الموسم،ولم يكلفوا أنفسهم عناء التنقل الى وجدة على غرار عدد كبير من الغيورين.
وكيفما كان الحال،فإن اللحظة تقتضي التوقف مليا عند هذا الفوز باعتباره مفتاحا فقط لتسلق سلم أقسام البطولة،وليس هدفا في حد ذاته،لأن مدينة جرسيف لديها ما يكفي من الإمكانيات و المؤهلات البشرية لكي تكون ضمن مصاف الفرق الوطنية الكبيرة.ونتمنى صادقين أن يكون كل موسم رياضي قادم مناسبة للترقي بين الأقسام للوصول الى قسم الصفوة في الخمسية المقبلة،وما ذلك على الله و بعده على أبناء جرسيف بعزيز.
[xyz-ihs snippet=”Adsensecarre”]