دورالرياضة في التنمية الا قتصادية
اصبحت الرياضة في القرن العشرين ظاهرة اجتماعية للبلايين من البشر في العالم ، ففي البلدان المتقدمة النمو اصبح للرياضة دورا مهما في التنمية الاقتصادية اذ تمثل 2 % من الناتج المحلي الاجمالي بينما تواجه الدول الاقل نموا تحديات كبرى لجعل الرياضة عاملا في التنمية الاقتصادية ومن تجليات الرياضة في التنمية استظافة التظاهرات العالمية واهمها كاس العالم او الالعاب الاولمبية وابرزحدث رياضي للبلدان الاقل نموا استظافة افريقيا الجنوبية لكاس العالم التاسعة عشرة في كرة القدم 2010 والذي يعتبر اكبر حدث رياضي عالمي بالقارة وللمرة الاولى منذ نشاتها ، وانفق على هذا الحدث مئات الملايين من الدولارات التي استفادت منها جميع القطاعات الاقتصادية ، كما عرفت فترات التحضير لهذا الحدث تشغيل العديد من السكان من مختلف المهن والحرف والاطر العلمية والتربوية والفنية ووسائل الاعلام بمختلف انواعها.
وبدأ الاهتمام بالبلد المنظم منذ سنة 2006 حيث تركزت وسائل الاعلام العالمية على التعريف بجنوب افريقيا ، موقعها الجغرافي، عدد السكان البنيات التحتية ، الاقتصاد الوطني البنيات التجارية فهذه الاخبار تشجع السياح على زيارة البلد المنظم للاطلاع على قدرة وكفاءة هذا البلد على تنظيم الحدث الرياضي خاصة اذا كان هنا تنظيما محكما مما سيساعد على جلب اكثر عدد من المستثمرين الاجانب وسيترتب عن هذا عواقب طويلة الامد لجميع القطاعات الاقتصادية للبلد.
اما بلنسبة للمكسيك 1986 كتب لاغوليس كرموس على لافتة اثناء تضاهرة كاس العالم
( لانريد الاهداف لكن الفول) فالعبارة واضحة جدا خصوصا في عصر العولمة اي نريد استظافة الحدث الرياضي العالمي لتحفيز التنمية الاقتصادية المستدامة.
الاحداث الرياضية الكبرى لها تاثير كبير على التنمية الاقتصادية ولو كانت عابرة او محدودة الا انها تشجع ممارسة الرياضة الجماهيرية وهذه الممارسة تؤدي الى تطور سوق المعدات الرياضية وتجهيزالفضاءات لمختلف الرياضات وعلى سبيل المثال الفرنسي بيير دي كوبرتان حينما نظم الحدث الرياضي لاحياء الالعاب الاولمبية عرفت المبيعات الرياضية ملايين من القمصان والاحدذية ، انتعشت منها الصناعات النسيجية والسلع الرياضية. ولعبت هذه الدينامية دورا ايجابيا في التنمية الاقتصادية في البلدان الاقل نموا. وتلعب الرياضة دورا اساسيا في تسويق منتوجها عن طريق مجموعة من الخدمات كالاشتراكات في المؤسسات الخاصة للرياضة والترفيه الرياضي والاحتضان وحقوق البث الاذاعي والتلفزي والصحافة بصفة عامة وكل هذه الحركات تساهم في تطوير القطاع الاقتصادي.
كيف يمكن لمثل هذه الديناميات ان تغير واقع الرياضة في في البلدان الأقل نموا؟
وفي 1995 اجريت دراسة من طرف المنظمة العالمية لليونيسكو حول الواقع الرياضي في البلدان الافريقية فكشفت عن ضعف البنيات التحتية للرياضة وضعف المماسة الرياضة ويرجع ذلك الى انخفاض مستوى التمدرس الذي يعكس تدني مستوى التربية البدنية والرياضة في المدارس ونقص في عدد المدربين والمؤطرين الرياضيين وانعدام التمويل الرياضي ويرجع اسباب هذه الوضعية الى النفقات الحكومية الغير الكافية في هذا المجال ، هناك بعض الدول التي تعاني من هذا النقص تستفيد من المشاريع الممولة من طرف الوكالات الإنمائية العالمية التي تقدم مساعدات اجتماعية وبالخصوص في المجال الرياضي كاحداث المنشات الرياضية و مراكز التكوين الرياضي مما يؤدي الى توسيع قاعدة الممارسة الرياضية ومحاربة افات الاقصاء والتهميش ومن بين هذه الدول نذكر :
أفريقيا الوسطى ، الكونغو ، غانا ، غينيا بيساو ، ليسوتو، موزامبيق ، وساوتومي وزامبيا التي استفادت من مؤسسة التمويل Olympafrica بما في ذلك اللجنة الأولمبية الدولية وشركة دايملر كرايسلر وتتكلف هذه المؤسسات بناء المنشآت الرياضية وتوفر المعدات الأساسية لتشجيع الرياضة وتعد في ذاتها محور الانشطة الاقتصادية المحلية.
وفي منطقة البحر الكاريبي وبالخصوص في جزيرة سانت كيتس اسس اتحاد العاب الكومنولث وهي مؤسسة كندية مشروع رياضي مدته التكوينية ست سنوات لتحفيز الشباب على ممارسة الانشطة الرياضية والتربية البدنية و متابعة دراستهم في اللغات و الاعلاميات ولتطوير قدراتهم على العمل وتمكينهم من الحصول على التدريب الداخلي في الشركات المحلية ليتم انتقاء اجود العناصر لتولية مهام الاشراف على هذه المراكز.
و في أفغانستان ، جنوب آسيا ، بوليفيا وغيرها من البلدان ، احدثت فيها مشاريع من طرف المنظمات الغير الحكومية الفرنسية للرياضة بلا حدود التي تهدف إلى تطوير الرياضة للجميع والتنمية الاقتصادية المحلية.
كما استفادت الدول التي تشكو من قلة المنشات الرياضية وضعف التنشيط الرياضي بمساعدات مالية مهمة من طرف الاتحادات الرياضية الدولية( كرة القدم- كرة السلة –كرة الطائرة ) لأحداث الملاعب الرياضية وتطوير النشاط الرياضي ولهذه البرامج اثر ايجابي على التنمية الاقتصادية . ام في الدول الاوربية فيتم تجهيز المناطق النائية الريفية والجبلية بالمنشات الرياضية وغالبا ما يجمعون بين ماهو ثقافي واجتماعي لتنشيط الفئات الصغرى عبر مهرجانات دولية مما يؤدي الى انتعاش هذه المناطق من خلال حشد كم هائل من السياح من مختلف المناطق الشيء الذي يؤدي الى انتعاش اقتصاديات هذه المناطق.
فالدراسات العلمية التي تهتم بدور الرياضة في التنمية الاقتصادية نادرة جدا وبالرغم من ذلك فالدراسات المرتبطة بهذا المجال منحت لقطاع الرياضة دورا اساسيا في التنمية وبالخصوص الابحاث الممولة من طرف الاتحاد الاوربي والتي تثير العديد من الاحداث الرياضية في كثير من الاحيان والتي لها دورا ايجابيا في التنمية ، كما ان هناك دراسات اخرى في امريكا الشمالية ترى ان الدور الاساسي للرياضة يتجلى اكثر اثناء احداث المنشات الرياضية الكبرى مرفوقة باستظافة احدى الاحداث الرياضية العالمية (كاس العالم – الالعاب الاولمبية) وبالنسبة للدول الاقل نموا وبالخصوص افريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وآسيا والذين يواجهون تحديات كبرى في جعل الرياضة اساس التنمية الاقتصادية والتي تعاني بهجرة الادمغة ويصطلح عليه في القاموس الرياضي بنزيف العضلات حيث يتوجب على هذه الدول العناية التامة بهذه الفئات والتي تتناسب مع مواهبهم الرياضية والذين غالبا ما يتلقون اغراءات كبيرة من طرف الدول المستقبلة كدول امريكا واوربا واحيانا دول الخليج وتتجلى هذه الظاهرة في رياضة كرة القدم و العاب القوى وبدات تغزو رياضات اخرى ممايؤثر بشكل سلبي على الدول المصدرة الى درجة ان بعض متتبعي الشان الرياضي يعتبرها ممارسة مشبوهة وغير قانونية وقرر البعض انشاء Coubertobin ضريبة على نقل هؤلاء الرياضيين واللاعبين او سيتم ذلك وفق مجموعة من القوانين والنصوص الصادرة عن المؤتمر للحد من هذه الظاهرة المقلقة، ومن الملاحظ في عصرنا الحالي ان معظم السلع الرياضية يتم تصنيعها في البلدان الاقل نموا حيث اليد العاملة الرخيصة وانتشار ظاهرة تشغيل الاطفال وتستغل بعض الشركات هذه الوضعية لقرصنة العلامات التجارية العالمية لاستغلالها في ترويج منتوجاتها ، ما اثار انتباه الاتحاد العالمي لمصنعي السلع الرياضية لهذه الظاهرة حيث اصدر قرارات لردع هذه التجاوزات وتنبيه المستهلكين في البلدان المتقدمة و الاسواق المتنامية من رداءة هذه السلع.
كيف سيكون لهذه التدابير وقع على التنمية الرياضية في الدول الاقل نموا؟
تاريخيا اثبتت الأبحاث العلمية وجود علاقة قوية بين الرياضية الدولية ومستوى التنمية الاقتصادية الوطنية والفرد وتمكن الباحثون من التنبؤ بدقة عن عدد الميداليات التي ستحصل عليها كل البلدان المشاركة في دورات الالعاب الاولمبية وبالاظافة الى هذا فان ثلاثة ارباع من الدول المشاركة حصلت على اكبر عدد من الميداليات في البطولات الكبرى من الدول المتقدمة وما السر في تنظيم اغلبية الدورات الاولمبية في الدول المتقدمة ؟ هذا الوضع يؤثر سلبا على الرياضيين والمهتمين بالشأن الرياضي في البلدان الاقل نموا وحتى على الاحداث الرياضية الكبرى التي تلعب دورا اساسيا في التعاون الدولي في المجال الرياضي ونمو الحركية الرياضية وانعكاساتها على البنيات الاقتصادية والاجتماعية .
فهل للمؤسسات و الهيآت الرياضية الدولية انتبهت الى احتكار تنظيم واستظافة الاحداث الرياضية العالمية الكبرى من طرف الدول المتقدمة؟ وهل هذا الحرمان يساهم في تخلف الرياضة في البلدان الاقل نموا رغم ان بعض الدارسين يربطون هذا التخلف بالتخلف السياسي والاقتصادي في حين نرى ان بعض الدول تصنف في خانة الدول المتخلفة الا انها متقدمة في المجال الرياضي (كينيا- الكامرون – البرازيل …………………..)
من خلال تشجيع الرياضة في الدول المتخلفة يمكن ان نامل في كسر هذه الدوامة والبدء في برمجة التظاهرات الدولية في هذه البلدان لتحريك وثيرة النمو الاقتصادي والاجتماعي وهذا هو التحدي الكبير الذي نهجته جنوب أفريقيا حتى استظافت كأس العالم لكرة القدم 2010 ونود من جميع البلدان الاقل نماء بذل كل ما في وسعها من مجهودات لاستظافة الاحداث الرياضية الكبرى خلال السنوات القادمة لما لها من اثر على التنمية الاقتصادية.