كأس إفريقيا 2025 بالمغرب.. أكثر من تظاهرة رياضية ورسالة سياسية بامتياز نحو إفريقيا

6 يونيو 2025
كأس إفريقيا 2025 بالمغرب.. أكثر من تظاهرة رياضية ورسالة سياسية بامتياز نحو إفريقيا

كأس إفريقيا 2025 بالمغرب.. أكثر من تظاهرة رياضية ورسالة سياسية بامتياز نحو إفريقيا

سبور ناظور –  محمد زريوح

رغم أن الأنظار باتت مشدودة نحو مونديال 2030 الذي سيحتضنه المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال، فإن تنظيم كأس إفريقيا للأمم سنة 2025 لا يقل أهمية على الإطلاق، سواء من حيث الزخم الرياضي أو الفوائد الاقتصادية والسياسية التي يراهن عليها المغرب، خصوصًا في تعزيز الروابط مع الدول الإفريقية ضمن ما يُعرف بسياسة “جنوب-جنوب”.

وتُعتبر هذه التظاهرة، التي لا تفصلنا عنها سوى أشهر معدودة، محطة مفصلية في تمكين المغرب من ترسيخ حضوره في القارة السمراء، ليس فقط كبلد منظم، بل كفاعل دبلوماسي قوي يعتمد على ما بات يُعرف بـ”القوة الناعمة”.

الدبلوماسية الرياضية في خدمة الروابط جنوب-جنوب

وفي هذا السياق، شددت الأستاذة أمينة عزمي، الباحثة في التسيير الرياضي والأستاذة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، أن تنظيم كأس إفريقيا بالمغرب يشكل أكثر من مجرد حدث كروي؛ بل هو فرصة دبلوماسية استراتيجية لتقوية العلاقات الإفريقية. وقالت في مداخلة لها بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إن “الرياضة أضحت من أبرز أدوات الدبلوماسية الحديثة، وهي أداة فعالة للقوة الناعمة”.

وأضافت أن هذه الدورة، التي ستحظى بزيارة وفود الاتحادات الرياضية الإفريقية، ستتيح للمغرب تطوير شراكات جديدة وتوسيع علاقاته على مستوى الحكومات والمؤسسات الرياضية في القارة، ما يعزز تموقعه كفاعل محوري في العلاقات جنوب-جنوب.

كما اعتبرت أن تنظيم هذه البطولة يمثل امتدادًا للرؤية الملكية التي تعتبر أن “مستقبل المغرب في مستقبل إفريقيا”، مما يجعل نجاح التظاهرة مدخلًا عمليًا لتعزيز الثقة المتبادلة مع الشركاء الأفارقة، وكسر منطق التبعية التقليدية للغرب.

رهان اقتصادي وسياحي متعدد الأبعاد

ومن زاوية اقتصادية، توقعت عزمي أن يشكل تنظيم “الكان” رافعة قوية للسياحة المغربية، لاسيما في ظل مشاركة 24 منتخبًا، سيصلون رفقة أطقمهم التقنية والطبية، إلى جانب الجماهير والإعلاميين. وهذا الحضور المكثف، تقول عزمي، “سيرفع من عدد الوافدين ويخلق دينامية اقتصادية، خاصة في قطاعات النقل والإيواء والخدمات”.

وأبرزت أيضًا أهمية الاتفاقية الموقعة بين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والخطوط الملكية المغربية، التي أصبحت بموجبها الناقل الرسمي للوفود، واصفة إياها بـ”المكسب النوعي” الذي يعزز قطاع الطيران الوطني.

مناصب شغل واستثمارات واعدة

التظاهرة ستكون أيضًا، حسب المتحدثة، مناسبة لخلق آلاف فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، سواء في الأمن، النقل، السياحة، اللوجستيك أو حتى في مجال التكوين والبناء. وأضافت أن الدورة الاقتصادية ستتحرك بتأثير من هذه الدينامية، مما سيؤثر إيجابًا على مداخيل الأسر ومستويات الاستهلاك.

وأكدت عزمي أن “نجاح المغرب في تنظيم كأس إفريقيا سيبعث برسائل إيجابية قوية للمستثمرين الأجانب”، باعتباره بلدًا جاهزًا لاستقبال تظاهرات عالمية، ليس فقط رياضية، وإنما حتى ثقافية واقتصادية، ما يعزز مناخ الثقة ويشجع على ضخ استثمارات جديدة في البنية التحتية والتعليم والصحة.

خاتمة

بهذا المعنى، لا يمثل “الكان 2025” مجرد بطولة قارية، بل مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا شاملًا، يعكس طموح المغرب في أن يكون رائدًا قاريا لا في الكرة فحسب، بل في نموذج التنمية المتكاملة والتعاون الإفريقي المشترك.

الاخبار العاجلة