السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
“كفانا الله جميعا شر الحاقدين والحاسدين.”
هكذا أنهى بدر الدين الإدريسي مقاله الذي تناول فيه مهزلة الزاكي الأخيرة، و قد أتت هذه الجملة تعقيبا على إبداع فكري للعقل الأول بالصحافة الرياضية الوطنية ، خلص فيه إلى ان الزاكي ضحية لنجاحه الذي يجلب له الحاقدين و الحساد.
صيغة الجمع المتكلم تلقي بصاحب المقال في جمع الناجحين في ظنه، و هو يتعوذ من الحقاد و الحساد، ربما لعلمه المسبق بان مقاله امتلأ بالذهان”الصباغة” لحد معيب و فاضح لا ينفع معه إلا استباق الأمر، و نعت كل الفاطنين بفن الذهان و الصباغة بأنهم حساد حاقدين، و بالتالي التموضع كما يجب في الموقف الدفاعي انتظارا للتوبيخات الموضوعية التي يؤمن بضرورة توافدها بسبب رذاءة المقال و ليس بسبب الحقد و الحسد، فما أنا من ممتهني الصحافة و ليست لي أية علاقة بأي شخص اسمه العائلي يحمل لقب الإدريسي،و للإفادة ما يدونه أعضاء كووورة مغربية على صفحات منتداهم لا يطلق عليه صحافة إلكترونية، بل هي مواقف رأي عام حر، داخل مجال مفتوح يلجه كل مسجل بالمنتدى، مجال مراقب على مدار الساعة بواسطة هيكلة محكمة لا مجال للدخول في تفاصيلها، هذا فقط توضيح بسيط سيد إدريسي حتى تسمي الامور بمسمياتها مستقبلا و انت تتكرم بنصائحك على أطفال الانترنت.
كلنا على علم بقصة الزاكي المفاجئة و المبهمة، و بكل التعاليق التي راجت بعدها بما في ذلك الكلام المنسوب للزاكي، و الامر سيبقى مبهما ولو بعد قراءة المقال لأن حتى السيد الإدريسي الذي اتصل بالزاكي فهو بدون رأي مضمونا و لكنه إلى الأبد فهو مع الزاكي شكلا و ذهانا .أما عن رأيي الشخصي في ما يخص هذا الأمر فأظن أن الزاكي يعيش على أعصاب خائنة و غير قادرة على تحمل مهنة التدريب بكل الضغوطات النفسية التي تستوجبها و هو امر يمكن معالجته ببعض الكوتشين من أناس متخصصين في هذا المجال.لكن رأيي ليس مهما اللحظة.
ما يهمني اليوم هو إثارة الانتباه إلى كم اللاموضوعية و الاستغباء الذي تتعامل به الصحافة عموما ,والرياضية فيما يخصنا, مع الرأي العام.
يحلل الإدريسي في مقاله قضية استقالة الزاكي،و يستنتج أن الأمر غير مرتبط بالهزيمة ضد الرجاء، الإدريسي يقول لكم يا سادتنا الكرام أن الدليل هو مرور أربعة أيام بين الحادثين، صراحة أبحث عن المنطق الذي دفع بهذا الصحفي إلى هذا الاستنتاج، أم هو استغباؤ واضح للقراء،إنها أربعة أيام يا سيدي، ليست أربعة أسابيع ، أشهر أو سنوات. و ما هذا الكم الهائل من اللاموضوعية بأن تسعى لإقناعنا بأنه لو أن الوداد انتصرت على الرجاء و كرست الفارق بالصدارة كان الزاكي سيستقيل رغم كل ذلك لأن الأمرين غير مرتبطين بسبب أيامك الأربع تلك.
طبعا هذا التحليل التنويري الاستغبائي، لم يكن ليشبع احترافية السيد الإدريسي، ليخبرنا أنه حمل هاتفه و بحث في الربيبرتوار عن اسم الزاكي ليكلمه و يستفسره عن السبب و يأتينا بالخبر اليقين، اليقين طبعا هو القصة المكررة : مسؤولي الفريق و اللاعبين و أظن ان السيد الزاكي نسي ذكر الحكام سهوا لا تبريئا لهم، و هو الامر الذي اتفق معه و خلص إليه الصحفي في ختام مقاله بعد معاتبة خفيفة الظل ظريفة الهضم قمة في الحنان ومبهمة كل الإبهام للزاكي.
أفتح هنا قوس لأتحدث عن تقارير أفادت أن الزاكي استقال بسبب تهديدات تلقاها حسب قوله تمس سلامته و سلامة أسرته، و أود أن أقول بهذا الخصوص أن هذا العذر غير مقبول، فالزاكي شخصية عمومية تستقطب كل الأضواء و الكاميرات و رمز يفتخر به كل مغربي اسمه ارتبط برفع الراية المغربية عاليا بين الأمم، و ببلاغ بسيط عن أي تهديد كان كافيا لأن تتدخل أعلى السلطات الأمنية لطمأنة الزاكي و ضحد أي متهور، فعلى ما أعلم أن الدار البيضاء من أكثر المدن تحضرا على الأقل بإفريقا و ليست غابة تسودها السيبة.
و أتمادى في هذا القوس لأستذكر حلقة الاستغباء الأكبر من برنامج الضيف الخامس حين استضيف الزاكي من قبل جهابدة الإعلام الرياضي مصطفى بدري، نجيب السالمي، بدرالدين الادريسي و بلعيد بويميد ، و انهالو عليه بالتبجيل و التعظيم و بدون أي حياء يكرر على مسامعنا السيد بدري في كل مرة جملة” الحلقة ليست دعاية للزاكي”، صراحة لا أرى استغباءا أكبر من هذا لعقل المواطن المغربي، ما الضرر في القول ان مفضلكم هو الزاكي بدل تكرار تلك الجملة الشاذة أخلاقيا عن توجه الحلقة، لماذا موقف الغبن بدل موقف الوضوح و احترام المشاهد.
أعود للإدريسي عبر تحاليله التنويرية التي تأكد من خلالها ان استقالة الزاكي هي في مصلحة الوداد، دون ان يبين لنا كيف ذلك، فلا أعلم ما هو هذا الضرر الذي كان سيصيب الوداد لو بقي الزاكي مدربا لأربع مباريات أخرى و لو شكليا، بدل ما أصاب اللاعبين و الوسط الودادي من ارتباك و ريبة بسبب كل ما وقع.
يؤكد لنا الإدريسي مرة أخرى أنه صحفي شفاف باهت، بكتابات باهتة، و انه بدون رأي، و هوكذلك عاجز عن اتخاذ أي موقف خصوصا إذا تعلق الأمر بشخصيات سبق و أن أدى لها الولاء الإعلامي، فالمطلع على مقاله الأخير سيتأكد من كل هذه الأمور من خلال الإنشاءات التقريبية من قبيل “ربما، قد يكون..” بالإضافة للأراء المتناقضة بين فقرة و أخرى، و هنا أتساءل لو ان الامر كان يتعلق بمدرب أخر غير الزاكي هل سيكون تناول السيد الإدريسي للموضوع بنفس هذه الهزالة في الإنتاج النقدي و التعمق في أصول المشكل؟ إذا كان الجواب في قرارة نفسك هو لا يا سيد الإدريسي، فاعلم انك تخون ميثاق شرف المهنة. و إذا كنت تكتب مقالا لتعيد على مسامعنا ما سبقتك إليه كراسي المقاهي و دردشات سائقي الطاكسي، فاعلم أن الجديد قد استعصى عليك، و ان الوقت حان لمراجعة ادائك الصحفي ، فهو اداء يمر مرور الكرام و يداعب كل صاحب قول و هو بدون لون او رأي، و و الله ما هذا الذي نأمله في من يرأس جريدة المنتخب و جمعية الصحافة الرياضية.
ختاما أقول ان هذا المقال أتي تنبيها للدورالوطني الذي يجب ان تلعبه الصحافة الرياضية ببلادنا، و ذلك بإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية فوق كل المصالح الشخصية، فالتاريخ سيسجل باعتزاز موقف كل صحفي شريف وقف ضدا في الفساد و التسيير الفاسد بكلمة قوية و صارمة و قاطعة غير مترددة و لا مرتبكة، الوداد فريق وطني قبل أن يكون بيضاويا، الصورة الجميلة التي خلفها الديربي جماهيريا و اداءا أعطت انطباعا إيجابيا عن بلادنا فاقت في نتائجها كل ما حاولت تحقيقه الجهود الكبيرة التي بدلها إعلامنا لإقناع العالم اننا بين ليلة و ضحاها أصبحنا نهتم بالبيئة مثلا .
أتمنى مستقبلا ان تهتم صحافتنا بالنقد الهادف القوي الضارب في أصول الإشكالات المطروحة، و أظن انه في قضية استقالة الزاكي الأصل هو رفع وداد الأمة فوق كل الميزاجيات الشخصية، تعلق الأمر بالمدرب، اللاعبين او المسيرين، لأن الوداد ليست ملكا لهم و لكن ملك لكل المغاربة.
إلى أن تخرج علينا صحافة قادرة على تحقيقات مدوية و مؤثرة، و هو امر ليس بالقريب المنال بالنظر لرأس الهرم، أقول لكم دمتم على امل..
بقلم: جلال عتيق ـ مشرف بكورة مغربية