الإرهاب الرياضي !!!

1 فبراير 2010
الإرهاب الرياضي !!!

مصطفى الآغا

خلال حياتي المهنية سمعت الكثير وشاهدت الكثير ولكني لم أسمع يوما عن محلل رياضي أعتزل التحليل نهائيا لأنه تعرض لتهديد لفظي وربما بدني وشتائم نابية وحملات شعبية وإعلامية مناهضة له لأن رأيه ببساطة لم يعجب أبناء بلده !!!

القصة حدثت معي شخصيا من خلال برنامج ” صدى الملاعب ” حين حل علينا ضيفا الكابتن محمود قندوز قائد الجزائر في الثمانينات وصاحب الإنجاز التاريخي مع زملائه بالفوز على المانيا الغربية في كأس العالم بإسبانيا 1982 وصاحب الشهادات التدريبية العالية عندما عبر برأيه بصراحة بتشكيلة المنتخب وخطط المدرب رابح سعدان بعد الخسارة أمام مالاوي بالثلاثة وكان نقده قاسيا وقيل إنه كان محبطا …

حتى بعد الفوز على مالي كان متحفظا ولكنه في النهاية كان يقول رأيا ولم يكن يشتم الآخرين إلا أن الكثيرين ممن لم يعرفوا قندوز ولاتاريخ قندوز بدأوا بمهاجمته والنيل حتى من وطنيته والحديث عن أجندات خاصة و” حقد على سعدان ” وقالت إحدى أهم الصحف الجزائرية بالحرف ” إن الرجل يُبدي كراهية شديدة لبلده ومنتخب بلده “… ويوم التأهل أمام أنغولا كان القندوز ضيفا رفقة زميله السابق وبديله في مركز لقب الدفاع بالمنتخب عبدالحكيم سرار رئيس نادي وفاق سطيف الحالي .. الإثنان إختلفا في الرأي ولكن بكل إحترام فقندوز وصف نفسه بأنه لايجامل ولا ينافق ولا يتنازل على حساب الحقيقة المطلقة وهي الحقيقة التي قد لاتعجب الآخرين … والثاني قال رأيه حسب قناعاته وخرجا أحبابا …

ويوم مباراة ساحل العاج أو بالأحرى في ليلة المباراة هاتفني ليعلمني أنه قرر ونهائيا أن يعتزل التحليل الرياضي وحتى التصريحات الصحفية وقرر أن لا يتحدث مطلقا عن منتخب بلاده الذي تمنى له الفوز على ساحل العاج …حاولت ثنيه عن قراره خاصة وأنني أعرفه صلابة عوده ولكنه رفض التراجع وتحدث للملايين عن الأسباب في مداخلة هاتفية مع البرنامج وقال إن الكيل قد طفح وتحدث عن تهديدات وأيضا عن بعض السيدات اللواتي يهاتفنه ويتلفظن بكلمات لايستطيع ذكرها ولا الرد عليها لأن تربيته لاتسمح له بالرد على إمرأة مهما أساءت الأدب …

طالبت المهاجمين بالكف وطالبته بالعودة ولكن لاحياة لمن تنادي فمن هاجموه قالوا إنه يجب أن يتقبل النقد كما يطالبهم هو أن يتقبلوه ولكن الفارق يا إخوتي أن الرجل إنتقد ولم يشتم لاعرضا ولا طولا بينما بعضكم الكثير نهش في لحمه وأنكرتاريخه وحتى غمز من قناة وطنيته …. وشتان بين ما قاله هو وما قالوه هم …. وللاسف فحتى مجرد مطالبتي بعودته أو الدفاع عنه جعلتني شريكا له في ( الكراهية المزعومة ) وكأني بمن يقول لنا أنتم يا معشر الإعلاميين والمحللين الرياضيين .. إن لم تكونوا معنا فأنتم ضدنا مهما كانت أحوال منتخباتنا ويجب أن تمدحونا أو نعتبركم خونة وأهداف عدائية ….

فإن لم يكن هذا هو الأرهاب الرياضي بعينه … فماذا سيكون ؟؟؟

 

“نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط”

الاخبار العاجلة