بقلم / نوفل لعولمة
بعد أن تضع الحرب أوزارها، من أنتصر أو إنهزم.. يقوم بجمع جثث الضحايا لدفنها في مراسيم مهيبة تقشعر لها الأبدان. ومن لم يجدوه ينصبون له نصباً تذكارياً تحت عنوان: “الجندي المجهول”.
في كرة القدم هناك جنود مجهولون وضحايا كثر، إخترت الحديث عنهم لأنّهم المساند الرسمي للعبة شعبية إسمها “الكوووورة”. قد لا ينتمون لطبقات مخملية، أو لنخبة مثقفة، أو لعلية القوم، وقد ينتمون.
هم ببساطة متيّمون بحبّ هذا النادي أو ذاك.. يسافرون مهما بعدت المسافات.. يجلسون في مدرجات مكشوفة، عارية، تستقبل بلا خجل حرارة الصيف وبرد الشتاء. ودون كلل أو ملل، يواصلون الرحلة بحثاً عن متعة مفقودة.
لفت انتباهي قبل أيام جمهور الوداد، حين حجّ لمراكش و أرسل رسائل لمن يهمّه الأمر. أمتعونا في المدرجات، وبعد صفارة النهاية.. من صنع الفشل عاد بحافلة مكيّفة، بينما كـُـتب على كثير من عشاق الوداد الوقوف على جانب الطريق أملا في ايجاد وسيلة نقل تعيدهم للأهل والخلان.. ويا لها من معاناة في ساعة متأخرة من ليل مراكش البهجة.
على عكس أبناء القلعة الحمراء، عشاق حمامة بيضاء رحلوا صوب الرباط وتكبّدوا عناء السفر.. ولكن فرحة الإنتصار، آداءاً ونتيجة، أنستهم كل الهموم. وبين متيم تطواني وعاشق ودادي، شبابّ خريبكي صمد في وجه المطر والبرد، وبقي واقفاً في مدرّجات ملعب آيل للغرق والسقوط.. أملا في نصر لم يأت.
كل هؤلاء ومثلهم كثر، في كل المدن المغربية، يستحقون نصباً تذكارياً يزوره المسير واللاعب والمسؤول عن شأننا الكروي بشكل مستمر، لكي يقدم له الإعتذار عن رداءة منتوج كروي لا يليق بجندي مجهول، يبدع في إنتظار متعة كروية غائبة إلاّ فيما ندر.