“الكورامتر”.. مقياس الوطنية

18 أبريل 2013
“الكورامتر”.. مقياس الوطنية

أعين دامعة.. قلوب خاشعة.. وعقول تبتهل.. وألسنة ملتهبة بالدعاء..

الشعب مجتمع أمام شاشات التلفاز وكأنه أمام خطبة في حضرة النبي عليه صلاة الله وسلامه.. بل هي مباراة أسود الأطلس.. ليس بجيش تحرير ولا غزاة.. إنهم لاعبو المنتخب الوطني!

وعلى مر المباراة لم تكف أناملي، عمدا وبغير قصد من استفزاز الحاضرين على شبكة الانترنيت، بانتقاداتي اللاذعة لهذه اللعبة التي تستنفذ من الطاقة ما لا نجده لتغيير واقع الفساد. ولم يتوانى.. المنتفضون الرابطون للوطنية بتلك الكرة المطاطية المنفوخة بالهواء، من تعليقات بلغت حد اتهامي بانعدام الوطنية في دواخلي أو حد السباب.. مع أن الفوز أو خسارة فريق كرة قدم يحمل راية المغرب، أو يلعب باسم المغرب، أو يتنقل بصفة المغرب لا يجب أن يزيد ولا ينتقص في الإحساس ب”تمغربييت” من شيء، بل تمغربيت هي التي يجب أن تزيد أو تنتقص من رصيده، في تمثيله لنفسه.

متى كانت الوطنية تقاس بحجم الدفاع عن فريق يلعب، وحتى لو تعلمنت اللعبة من العولمة وصارت مفتاحا للانفتاح على مشارق الأرض ومغاربها سياحة أو مُراءاة، ومتى كانت كرة پلاستيكية منفوخة بالهواء تزن تمسكي بجبالك يا أطلس؟ متى كان مقايس حب المغرب هو “الكورامتر”.. في عصر ترتبط به المفاهيم بغير معاييرها، في عصر انقلبت فيه الموازين إلى غير أهليها، في زمن “الكرة” و”حريم السلطان”..

في زمن مسابقات الغناء والتمثيل والرقص “والفوحان”، في زمن لا زال فيه السيد والولي يزار ليتقرب به إلى الله.. ولو أن الناس ينتفضون على العقيدة انتفاضتهم على الكرة، ولو أن المسلمين يقاتلون حين يسمعون مظاهر الشرك الوثني قتالهم على المنتخب الوطني، ولو أن هذه الطاقة وهذا الصراخ الذي يصدره البعض أمام شاشات التلفاز في متابعة الكرة، هي نفس الطاقة والصراخ الذي يصدرونه دفاعا عن العرض والحرمات.. لمحاربة الربا والدعارة والقمار والمخدرات.. لمحاربة العري والتحرش والرشوة والوساطات.. لمحاربة مظاهر الشرك والبدع وما يتخلف بالمجتمع من جهل وعادات، لكان علماء المغرب من شباب ونساءهم من يرفعون راية المغرب، عوض أن يرفعها اللاعبون والمغنيات!

لكن ماذا عمن يدافع عن المنتخب الوطني وكأنه جيش تحرير المغرب، أو فرقة من الغزاة؟!!
كلما زادوا تقدما زاد الأمل، وكلما زاد الأمل زادة حدة الخيبة.. ها قد اختصروا علينا أسابيع قادمة من الهيجان الفارغ، والصراخ سدى والطاقة المبعثرة هباء.. وعادوا أدراج الرياح..
القنوات المغرية عرفت طريقها: كاميرا خفية، وقليل من الشيخات وحلقة جديد من مسلسل من المسلسلات التركية، وخرجات سياسية وشطحات برلمانية، والكل سينسى الهزيمة..

لكن، ما عسى امرأة باتت تظن أن الغضب على خسارة فريق لاعبين يساوي التمسك والارتباط بالوطن أن تقدم لأسرة من زوج وأطفال.. أنى لها أن تربي.. أنى لها أن تحابي.. أنى لها أن تضخ حس الإسلام والوطنية في ما هو قادم من أجيال؟

وماذا عسى المرأة أن تفعل مع زوج غاضب لفشل الأبطال؟ أتدعه وشأنه، أم ترتدي الأسود وتقعد تواسيه في جو عزاء جنبه، أم تلبس الألوان وتطبخ الطواجن وترقص له عله يبتسم وينسى، وعلى تمغربيت لا يأسى!!

فإن فازوا أحبوك يا وطن.. وإن خسروا كأنما خسروا الوطن.. من يربط وطنيته بالكرة فعليه في الوطنية أن يعيد النظر!

kifach000111

الاخبار العاجلة