أبدعت المرأة بالمنطقة الشرقية في عدة مجالات واستطاعت أن تفرض وجودها وتثبت قدرتها على كسب رهان التحدي واختراق مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها من الميادين التي كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجل.
وتعد بديعة الزخنيني، الصحافية المتميزة بإذاعة وجدة الجهوية، نموذجا حيا للمرأة الإعلامية التي تمكنت من تجسيد مكانتها وإثبات الوجود الإعلامي الإذاعي بصيغة المؤنث بالمنطقة بل وأكثر من ذلك استطاعت أن تساهم في تكوين الرأي العام وفي إسماع صوتها للمجتمع.
وقد تمكنت هذه الإعلامية، الحاصلة على الإجازة في الأدب الإنجليزي وشهادة الماستر في الثقافة الشعبية والتراث، بعد 20 سنة من التجربة المهنية والغنية بالإذاعة والتلفزة الجهوية، من النجاح في اكتساح العمل الإذاعي بكل تحدياته ورهاناته وذلك بعدما كانت تنظر إليه كÜ “علبة سوداء” تشتاق دائما إلى اكتشاف خباياها وربما تصبح ذات يوم جزءا منها.
إن طموح هذه الصحافية، ابنة عروسة الشرق، هو تحقيق ذلك الحلم الذي كان يراودها منذ البداية في أن تكون إعلامية وتسمع في يوم من الأيام صوتها للناس، هذا الحلم الذي تولد عندها في أجواء الإذاعة والتلفزة التي ترعرعت فيها واستهوتها بذلك مجموعة من الأصوات الإذاعية المتألقة خاصة في إذاعة وجدة الجهوية بمن فيهم المرحومان يحيى الكوراري وقاسم جدايني.
وتقول بديعة الزخنيني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن حصولها على الخدمة المدنية في إذاعة وجدة التي جاءت على سبيل الصدفة، كان بداية لتحقيق ذلك الحلم الذي كان يستهويها.
وأضافت أن السنتين من الخدمة المدنية، التي قضتها في هذه الإذاعة، كانت تجربة رائعة وغنية حاولت خلالها اقتحام تلك “العلبة السوداء” التي فتحت لها قلبها بدعم أطرها الصحافيين والتقنيين ومكنتها من اختراق المجال الإذاعي وتحقيق الحلم الذي كان يراودها في وقت مضى، وهو ما تحقق بالفعل بعدما تم إدماجها بشكل رسمي في هذه المؤسسة التي بدأت فيها مسارها المهني.
وقد بدأت هذه الاعلامية، التي التحقت بالعمل في إذاعة وجدة الجهوية في ماي 1996، مشوارها المهني الذي لا يزال متواصلا بالاشتغال في فترات معينة على مجموعة من برامج القرب الهادفة، من بينها برنامج “تحقيقات” الذي كانت تذكره كثيرا لارتباطه برصيف الناس وأقرب إلى الفئات المستضعفة والأشخاص الذين يعانون في صمت ويستحقون وقفة تأمل.
ولم تتوقف بديعة الزخنيني في هذا الحد، بل اشتغلت على برامج أخرى مباشرة في مختلف القطاعات التنموية، غير أن المجال الذي اهتمت به وأعطت فيه الشيء الكثير ومازالت وفية به هو قطاع الأخبار والتحرير والروبورتاجات، خاصة أنها تعمل في الميدان وخارج أسوار الإذاعة لتكون قريبة من هموم الناس وانشغالاتهم.
وقد ساعدها تكوينها الثقافي والأدبي واهتماماتها بالإبداع والقراءة في الاشتغال على برامج أخرى ثقافية قالت إنها الوحيدة التي لم تتخل عنها منذ بداية مسارها المهني في هذه الإذاعة الجهوية من خلال تقديمها لمجموعة من البرامج الثقافية من بينها برنامج “الجامعة” وبرنامج “جسور” الذي لازالت تشتغل عليه إلى الآن.
وتحاول بديعة الزخنيني أحيانا في عدة برامج مرتبطة بالمرأة أن تبرز مكانة هذه الأخيرة وقدرتها على الانخراط في المجتمع ومساهمتها في التنمية الشاملة خاصة من خلال تناولها في عدد من البرامج للكتابات والإبداعات النسائية لتبرهن مرة أخرى أن المرأة ليست هي تلك الصورة النمطية الموضوعة فيها (الطبخ، الخياطة، الموضة…).
ولم يفت بديعة الزخنيني، الاعلامية المتألقة، أن تجسد هذه المكانة التي تحظى بها المرأة الشرقية خاصة من داخل هذه الإذاعة الجهوية التي تحتضن حضورا نسويا أكثر من الرجال بل منهن من يتواجدن على رأس المسؤولية في هذه المؤسسة الإعلامية سواء في القسم التقني أو قسم المحافظة أو قسم التحرير.
ورغم الإكراهات الأسرية والمجتمعية التي تواجهها كأي إنسانة مثلها أو المرتبطة بضغوطات العمل الشاق المرتبط بشساعة الجهة الشرقية الأكبر على الصعيد الوطني (7 عمالات وأقاليم)، فإنها تحب وتعشق مهنتها وعملها الصحفي حيث تستطيع، كما تقول، أن تضحي بكل شيء من أجل هذا العمل الذي كان بالنسبة لها حلما وأصبح حقيقة.
وتبقى بذلك إذاعة وجدة الجهوية بالنسبة للزخنيني فضاء يسري في عروقها في أي لحظة وفي أي مكان. ولن تستطيع، تقول بديعة الزخنيني، أن تتخلى يوما عن فكرة انتمائها إلى هذه الدار التي أعطت لها الكثير وفتحت لها منبرا لإسماع صوتها لمئات بل ربما لآلاف من الأشخاص في المجتمع، وهي الآن موجودة في هذه المؤسسة لترد لها الجميل.
إعداد الحسين لعوان، و م ع
[xyz-ihs snippet=”Adsensecarre”]