شغب بنكهة الضرائب: حين يمول المواطن تخريب ما دفع ثمنه

25 أبريل 2025
شغب بنكهة الضرائب: حين يمول المواطن تخريب ما دفع ثمنه

شغب بنكهة الضرائب: حين يمول المواطن تخريب ما دفع ثمنه

سبور ناظور – مراد ميموني

225 مليون درهم، نعم، مئتان وخمس وعشرون مليونًا من الدراهم خرجت من جيوب دافعي الضرائب لتجهيز مركب محمد الخامس، في أفق استضافة مباريات كأس إفريقيا. ملعب جميل، عشب يسرّ الناظرين، إنارة تُبهج المصورين، وكاميرات بتقنيات “الفار” التي تكشف كل شيء… إلا العطب الحقيقي: عطب الإنسان!

ما إن استنشقت الكراسي الهواء النقي، حتى خرجت الجماهير “الرياضية” لاختبار جودتها، لا بالجلوس عليها، بل باقتلاعها من جذورها كما تُقتلع الأعشاب الضارة. ربما ظنوا أن الكراسي أعداء في شكل أثاث، أو أنها تمثل الخصم الذي لم يسجل هدفًا! النتيجة؟ ملعب تحول إلى ساحة معركة، وكأننا نعيش الجزء الثاني من “غزوة الكراسي”، لكن دون مخرج سينمائي أو موسيقى تصويرية.

الغريب – أو ربما غير الغريب – أن ما جرى لا يُعدّ مفاجأة. لأنه حين لا تستثمر في الإنسان، لا تنتظر منه أن يُقدّر الحجر. الملاعب ليست فقط مستطيلات خضراء، بل هي مرايا تعكس عمق العلاقة بين المواطن ومحيطه، بين الفرد والدولة، بين الشاب والهوية الوطنية.

إن تخريب الممتلكات العامة لا يعني فقط أنك كسرت شيئًا، بل يعني أنك لا تشعر بأن هذا “الشيء” لك. ولعلّ هذا هو التحدي الحقيقي: أن يشعر المواطن أن الملعب ملعبه، والمدرسة مدرسته، والمستشفى مستشفاه، لا مجرد بنايات عابرة في بلد لا يسمعه ولا يخاطبه إلا عند الضرائب والانتخابات.

الدولة – وهي تركض لتصلح ما كُسر – تنسى أحيانًا أن الإصلاح لا يبدأ من إعادة طلاء الجدران، بل من إعادة بناء العلاقة بينها وبين الناس. علاقة أساسها الاحترام، والكرامة، والتواصل الحقيقي، لا بلاغات خشبية ولا خطابات رسمية تقرأها الروبوتات.

ولمن يبرر هذه الأفعال بأنها “تنفيس عن الغضب”، نقول: التنفيس لا يكون بالتكسير، بل بالتعبير. ومن يعجز عن التعبير إلا بالعنف، فقد رسب في امتحان المواطنة، والمجتمع رسب بدوره في تربيته.

خلاصة القول؟
الملعب ليس فقط مكانًا تُسجل فيه الأهداف… هو المكان الذي تُسجَّل فيه أيضًا مستويات الوعي.
وإذا كنا نحلم بتنظيم كأس إفريقيا، فلنحلم أولًا بتنظيم علاقتنا بذواتنا وببلادنا. فالمباراة الحقيقية لم تبدأ بعد… والخصم هو الجهل، وسوء التربية، واللامبالاة.
والمشكلة؟ أن الحكم لا يملك صافرة لإيقاف التخلف.
بقلم: مواطن يشاهد المباراة من مقاعد العقلاء

الاخبار العاجلة