قبل حوالي ثلاث سنوات، وقع لاعب أجنبي من أحد بلدان القارة الإفريقية، لفريق مغربي عريق يلعب بالقسم الثاني لكرة القدم، ويصارع منذ سنوات من
أجل العودة إلى البطولة «الاحترافية».
لم يكد اللاعب يوقع في كشوفات الفريق، وبحضور المدرب، حتى غادر دون أن يثير الانتباه وترك حقيبة مملوءة بالمال فاجأت المدرب الذي ربط الاتصال هاتفيا باللاعب مستفسرا إياه عن السبب الذي دفعه إلى أن يترك كل ذلك المال.
كان جواب اللاعب أن الأمر عادي، وأن ذلك نصيب المدرب من الصفقة بما أنه وافق على انضمامه إلى الفريق، وأن ذلك حدث وسيحدث في المرات المقبلة.
لم يجد هذا المدرب غير أن يطلب من اللاعب أن يأخذ ماله، مشيرا إلى أنه لو لم يقتنع بمؤهلاته لما سمح له بالتوقيع في كشوفات الفريق، وأنه ليس من نوعية المدربين الذين يأخذون نصيبا من عرق وجهد اللاعبين، وأن الفيصل في مجال كرة القدم هو الملعب وما يقدمه اللاعب من عطاء.
فوجئ اللاعب الإفريقي بما وقع، وعانق مدربه وأخبره أن هذه المرة الأولى التي يصادف فيها مدربا من هذه الطينة، يرفض أن يأخذ نصيبا من صفقة الانتقال، ثم غادر وهو يواصل وضع الكثير من علامات الاستفهام.
صاحب هذه الواقعة مدرب مغربي، قاد هذا الموسم فريقه لتحقيق نتائج إيجابية، بل وجعله من بين الخمسة الأوائل في الترتيب، لكنه وجد نفسه مدعوا إلى المغادرة بلطف، بحجة أن الفريق في حاجة إلى دم جديد، وإلى رسم أهداف جديدة، وانطلت عليه الحيلة وغادر، علما أن مسؤولي الفريق ظلوا بوصاية مباشرة من عامل الإقليم يفاوضون مدربا جديدا تم التعاقد معه بهدف أن يحتل مركزا هو نفسه الذي تركه فيه المدرب الذي تم الانفصال عنه.
المدرب الذي رفض أن يأخذ نصيبه من صفقة انتقال اللاعب، وأصر على أن لا يدخل سنتيم حرام إلى جيبه، هو اليوم يتابع مباريات البطولة كأيها الناس، علما أن بعض المدربين ممن يدخلون في توافقات مع المسيرين ويحصلون بدورهم على ما يعتبرونه نصيبا لهم، يعملون باستمرار، بل ولا يجدون صعوبة في العثور على فريق بديل، أما بعض المدربون أصحاب المبادئ ومن أيديهم نظيفة، فإنهم في غرفة انتظار كبيرة، ينتظرون أن يتغير واقع الحال، وأن يأتي الزمن بمسيرين من طينة أخرى نظيفي اليد ولا يتعاملون مع الفرق على أنها «خبيرة جابها الله» ويجب اقتسامها، وأن يحصل كل طرف على نصيبه.
جمال اسطيفي – [email protected]