مهرجان الناظور للسينما يختتم دورته الرابعة عشرة بتتويج أفلام وثائقية وفنية مبدعة
سبور ناظور – محمد بنعمر
اختتم مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة، مساء الخميس، فعاليات دورته الرابعة عشرة في أجواء احتفالية متميزة، حيث تم تكريم الأفلام التي تعكس قضايا الذاكرة المشتركة والتاريخ والإنسانية. الدورة الحالية تميزت بتنوع ثقافي وجغرافي من خلال مشاركة أفلام طويلة وقصيرة ووثائقية من المغرب، بولونيا، إسبانيا، فرنسا، وبلجيكا، مما عزز مكانة المهرجان كمنصة عالمية للسينما.
من أبرز الأفلام المتوجة في هذه الدورة، فاز فيلم “استقلال الجزائر: قضية مغربية” للمخرج حسن البهروتي بجائزة البحث الوثائقي، ليعكس هذا التتويج أهميته في تسليط الضوء على التاريخ المغربي المشترك مع الجارة الجزائر. من جهة أخرى، فاز الفيلم البولندي “الأشجار الصامتة” بالجائزة الكبرى في صنف الفيلم الوثائقي، ليكون تأكيدًا على تميز السينما الأوروبية في معالجة المواضيع الاجتماعية والإنسانية.
كما تم تكريم العديد من الأفلام التي لاقت إعجاب لجنة التحكيم والجمهور، حيث حصل فيلم “جيمي” الإسباني للمخرجة عائشة كامارا على تنويه خاص، إلى جانب فيلم “إخوة الرضاعة” القصير للمخرجة المغربية كنزة التازي، مما يعكس تنوع الموضوعات والإبداع السينمائي من مختلف أنحاء العالم. هذه الجوائز تكشف عن توجيه المهرجان نحو دعم الأعمال التي تمس القضايا الاجتماعية والإنسانية من زوايا متعددة.
أما جائزة نور الدين الصايل للفيلم القصير، التي تحمل اسم الراحل نور الدين الصايل، فقد فاز بها الفيلم البلجيكي “المستضعفون” للمخرج أوليفييه بانيي، وذلك تكريمًا لعمله الذي يعكس التحديات الإنسانية التي يواجهها الأفراد في مجتمعاتهم. في المقابل، توج فيلم “استمع إلى الصوت” للمخرج الفرنسي ماكسيم جان باتيست بجائزة الفيلم الطويل، ليكون شاهدًا على القوة السينمائية التي تعكس قصصًا إنسانية مؤثرة.
وفي فئة الأفلام الطويلة، حصل فيلم “وشم الريح” للمخرجة المغربية ليلى التريكي على تنويه خاص من لجنة التحكيم، ليكون تأكيدًا على قوة السينما المغربية في تناول القضايا الاجتماعية والسياسية. كما كانت جوائز التمثيل في مهرجان هذا العام مميزة، حيث توج ممثلان من فيلم “الـ 47” الإسباني، كلارا سيغوا وإدوارد فيرنانديز، بجائزة أحسن ممثلة وأحسن ممثل، ما يعكس الأداء المتميز في هذا العمل الذي يعكس قضايا الهوية والانتماء.
واحتفل المهرجان أيضًا بتكريم عدد من الشخصيات البارزة التي أسهمت في إثراء الثقافة والفنون. كان من بين المكرمين المستشار الملكي عمر عزيمان، الذي ترأس سابقًا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الشاعرة الأميرة الكويتية سعاد الصباح، والمخرج المغربي محمد عبد الرحمن التازي، والممثل المغربي الفرنسي سعيد التغماوي. تكريم هؤلاء الشخصيات يعكس تقدير المهرجان للمسيرة الحافلة بالعطاء والإبداع في مجالات حقوق الإنسان والفن والثقافة.
وفي خطوة هامة، أعلن المهرجان عن “إعلان من أجل السلام والعدالة الانتقالية”، الذي جمع نخبة من المفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم. ويهدف الإعلان إلى بناء مجتمعات قائمة على السلم والعدالة، مع التأكيد على أهمية “المشترك الإنساني” في حل النزاعات وبناء روابط متكافئة بين الشعوب. وقد تناول الإعلان، في جزء منه، الوضع الإنساني في غزة بعد الأحداث المأساوية التي شهدتها، مما أضاف بعدًا إنسانيًا عميقًا للمهرجان.
في شقه الحواري، نظم المهرجان لقاءات نقاشية حول تجارب العدالة الانتقالية في المغرب وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، بمشاركة متدخلين من ثلاث قارات. هذه اللقاءات شهدت تبادلًا غنيًا للأفكار والرؤى حول مستقبل العدالة الانتقالية في دول تعيش تحديات تاريخية، وتمت المناقشة بعدة لغات منها العربية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية، مما يعكس التنوع الثقافي للمشاركين.
كما أعلنت إدارة المهرجان عن إنشاء “جائزة نور الدين الصايل للفيلم القصير” بشكل دائم، وذلك تكريمًا لإسهامات الراحل في دعم السينما المغربية والعالمية. تعتبر هذه الجائزة، التي أُطلق عليها اسم الراحل الذي كان له دور كبير في النهوض بالسينما المغربية، علامة بارزة في مسار المهرجان، وهي تكرس التزامه المستمر بتشجيع الأفلام القصيرة التي تساهم في تعزيز الثقافة والذاكرة المشتركة.
في ختام الدورة، أكد المهرجان على دوره الحيوي في تسليط الضوء على قضايا الذاكرة والإنسانية عبر السينما، ليبقى المهرجان موعدًا سنويًا يحتفل بالأفلام التي تُلامس الواقع وتفتح نقاشًا حول القضايا الحاسمة التي تواجه العالم اليوم.س














