– بطريقة مباشرة أو غيرها – لما يسمّى بـ “قطع الشباب والرياضة” يجب أن تتغيّر أو يخلع أصحابها كما تخلع الضرس المسوّس
بقلم | علي بهلولي
أوّلا لسنا ندري لماذا هذا الربط بين شريحة “الشباب” وبين لعبة أو هواية سمّيت بـ “الرياضة”، لماذا لا تكون هناك حقيبة باسم “وزارة الشباب والبحث العلمي” أو “وزارة الشباب والعمل”..وكأن الشباب العربي أريد له أن ينام على “الجلد المنفوخ” ويستيقظ عليه، فيركل به عند نهاية المطاف أو يركلهم هو بنفسه كما يحدث هذه الأيام في بلاد ما بين “طنجة والمنامة“.
سأسرد لكم فيما يلي تشكيلة من المسؤولين العرب “الرديئين” المتحكمين في شرايين القلب النابض للأمة (الشباب) والذين ابتلينا بهم في هذه الأيام، نماذج ليست من وحي الخيال ولكن ما تزال تعيش بين ظهرانينا، إما تزاول نفس النشاط أو سلّمت المشعل لمن تتوسّم فيه الإستجابة لـ “دفتر أعبائها” الخاص جدا
.
1- سمعت ذات مرة مسؤولا رياضيا عربيا يتباكى لكون “تفانيه الخرافي” في المنصب الذي أسند إليه حرمه من متعة الحياة الزوجية، هذا الإطار “المسكين المثير للشفقة” يتوق لرؤية إبنه الصغير يهرول ليعانقه لما يأتي مساء عائدا إلى بيته كالا من عمل يديه، صورة تعبق مشاعرا إنسانية رقيقة لا نراها إلا عند البسطاء الشرفاء استثناء
.
هذا المسؤول الرياضي الذي يشتغل “متطوّعا” ولـ “وجه الله” و”حبّا للوطن” (لغة الخشب في أقبح تجلياتها) كما تستهويه لعبة استغباء السذج الذين يصدّقون ما كان يتلّفظ به من “هذيان”- لم يقل لمستمعيه إن الذي أشقاه هو استئثاره بكذا منصب وفي تخصصات متباينة، وإنه يتقلب في الوظائف كما يستبدل أحدنا الجوارب في عز الصيف (أكرمكم الله
).
2- مسؤول عربي له نفس “الجينات الوراثية” للإطار السابق، يتدخل في النشرة الرئيسية لتلفزيون حكومته المتهالك والمتهالكة ليقول مسفها الأحلام ومستفزا “آلهة قريش”! إن شباب بلده بحاجة لمرافق الترفيه وعروض الباليه والمسابح وتسلّق الجبال والشطرنج وجمع الطوابع البريدية..ثم لا يستحي من نفسه – وهو يسطّح مطالب السواد الأعظم من شعبه – ليسرد على المتفرج “الغلبان” بعض “المنجزات” الرائدة لحكومته والتي تحرّض على نطحه على طريقة زيدان (مباراة إيطاليا وفرنسا) وجاتوزو (مباراة الميلان وتوتنهام) دفعة واحدة حتى يكون للنطحة مفعولها المركز القوي، ولن يفكر هذا “الكائن السياسي” بعدها في الرجوع لمنصبه مجدّدا
.
3- مسؤول عربي آخر ينتمي لنفس الفصيل المتحدث عنه منذ قليل، يصيح فوق كل الأسطح مشتكيا للداني والقاصي بأنه ظلم لما حرم من تجسيد مشروع رياضي “مذهل”، كان بإمكانه أن يجعل حياة الشباب تستحيل نعيما لو تركوه يرأس النادي الكروي الأعرق بالبلد، ويعطي هذا الرجل “الشهم والنادر” مثالا بأنه اقترح ما سماه بـ “كسب معركة السلم الإجتماعي”، فمثلا (وليت هذا الإطار الصدئ سكت) عند كل مباراة تجرى عملية سحب القرعة (الطامبولا)، وينال عدد معيّن – يحسب على أصابع اليد الواحدة – سيارة فارهة، وهكذا يقفل الجمهور عائدا من الملعب إلى بيته مسالما منشرح الصدر ينشد أهازيج النصر (فيلم كلاسيكي هندي
)!
بالعربي الجاهلي الفصيح…الوطن العربي صار يعج بالشباب ليس هذا بجديد..ولكن هذا الشباب البائس اليائس لما يولّي وجهته نحو الساسة يستغبونه، وعندما يقصد خبراء الإقتصاد يغرقونه في وحل أرقام جافة لا تسمن ولا تغني من جوع، وحينما يستأنس بعلماء الدين يستفزونه من قبيل “إذهب لتحتطب يا فتى”، ولما يرخي أذنيه لمن يسمون بعلماء التنمية البشرية ينوّمونه بكلمات “ميتافيزقية” ليست بالكلمات عن التفاؤل والأمل و10 مناهج لتخرج من ورطتك (لما يتوب إبليس!) و7 أساليب لتفتك وظيفتك (حينما يشيب الغراب!) و5 طرق لترويض حمارك!، وعندما يتقدم لمؤسسة ما طلبا لوظيفة يصد ويرفض لأنه غير مسنود بشخص نافذ (واسطة)…المقاهي مكتظة عن آخرها بمن ضاقت بهم سبل الحياة والصعاليك، الأسواق كذلك، الملاعب نفس الشيء…الشباب العربي بكل بساطة مبرمج أو أريد له الإنفجار بين الفينة والأخرى
.
الكرة الآن متواجدة في ساحة المسؤولين العرب، إما إعادة الإعتبار للشباب وليس لديهم وقتها ما يخسرونه، أو مواصلة التعنّت والإستغباء وبالتالي سيجنون على أنفسهم ويخرجون من الحلبة – بل يركلون – على طريقة المغفور له بإذن الله “محمد البوعزيزي” أمير المعذبين فوق الأرض سيّد المستضعفين نصير البؤساء