منذ سنوات كثيرة والمنتخب الوطني لكرة القدم قيد تجريب بائس، يغطي فشل الكرة المغربية، التي تتمثل في الفرق الوطنية بجميع درجاتها؛ أي ما يسمى بالقسم الأول والثاني والهواة (العصب الجهوية)، وحتى الفرق النسوية، وغيرها، بالبحث عن لاعب جاهز، بداعي أنه الحل الأمثل للوصول إلى المستويات العليا، إلى حين.
الكارثة أنه بمرور الوقت تحول المؤقت، في انتظار إنجاز عمل كبير في العمق، لإصلاح المنظومة الكروية المغربية، إلى دائم، وصار اللاعب الجاهز هو الأصل، في حين ظلت الكرة المغربية على حالها، إن لم نقل تخلفت أكثر فأكثر بفعل الاعتماد على مسيرين لا علاقة لهم بالميدان من قريب أو من بعيد.
واليوم، ويا للأسف، هناك خطاب يقول إن اللاعب المحلي قد فشل، كما لو أن هذا اللاعب نزل من المريخ، في حين كان ينبغي القول “هذا وجهنا شفناه فالمراية”، وهو الوجه الذي كنا نخاف من رؤيته لفترة طويلة، وظللنا نزين “خنونته” بـ”عكر” الجاهز، حتى خلنا مع مرور الوقت أن لنا وجها آخر جميلا، ومريدا، ولا شية فيه.
الحقيقة المرة هي التي عشناها ونحن نتابع مباراة المغرب ضد تانزانيا، حيث لاعبون مغلوبون على أمرهم، بلا تكوين سليم، ولا تجهيز جيد، يركضون يمنة ويسرة حيثما ارتأوا ذلك، وليس وفق دروس علمية ممنهجة تلقوها منذ الصبا، حتى تحولت لديهم إلى ثقافة كروية يومية، تحولهم، وهم على الملاعب، إلى سحرة حقيقيين.
لقد تأخر إصلاح كرة القدم المغربية (بل الرياضة المغربية) عقودا طويلة، وفي كل مرة كانت هناك محاولات للإصلاح ليس إلا، وكلها، يا للأسف، تقوم على أسس غير سليمة، باعتمادها على نتائج غير مطابقة للواقع، لتنطلق منها إلى فشل جديد، ينتهي في كل مناسبة مؤلمة بتغيير “سائق الحافلة” والإبقاء على “الحافلة المعطوبة”.
إن من يقولون اليوم إن اللاعب المحلي فشل ينسون أن الرئيس الذي يدير الجامعة أيضا محلي (لا علاقة له بالكرة)، ومستشاروه محليون، ومن يديرون الإدارة الجامعية محليون، ومن يشرفون على الفرق محليون، ومن يسيرون الكرة العمقية، في المغرب المتضرر جدا (كم أكره كلمة المغرب غير النافع)، هم أيضا محليون.
ثم إن المنتخب التانزاني، الذي لعبنا معه، وخسرنا الرهان، كله مشكل من لاعبين محليين، باسثناء بسيط، كما أن المنتخب الفائز بكأس إفريقيا، السنة الماضية، محلي أساسا، والذي فاز بها في الدورة التاسعة والعشرين أيضا محلي أساسا، فلم لا نلتفت إلى واقعنا الإفريقي، ونستفيد منه، عوض أن نتعالى عليه، وهو كل يوم يقدم لنا الدروس الكروية عالية المستوى…
إلى اللقاء.