ودع المنتخب المغربي نهائيات كأس أمم إفريقية 2013، المقامة حاليا بجنوب إفريقية،من الدور الأول بعد تعادله 2-2 مع منتخب جنوب إفريقيا في المباراة التي جرت بملعب”موزيس مابيلا”بمدينة دوربان،برسم الجولة الثالثة والأخيرة عن المجموعة الأولى.تعادل عجل بخروج النخبة المغربية.بينما تمكن منتخب الرأس الأخضر،من التأهل ليرافق البلد المنظم للدور الموالي،بعد تحقيقهم للإنتصار أمام المنتخب الأنغولي ب2-1.
وواضح أن الرقم”3″سيبقى لغزا للمنتخب المغربي في هذه النهائيات.إذ حقق المنتخب المغربي 3 تعادلات،وسجل مهاجمو المنتخب المغربي 3 أهداف،بينما استقبلت شباك الأسود 3 أهداف،وبلغ مجموع نقاط ما حصل عليه الأسود 3نقاط،وأحتل المنتخب المغربي المرتبة الثالثة.
بعد خروج النخبة الوطنية من الدور الأول،قررت أن أستعرض الأسباب التي جعلت المنتخب يخرج من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقية للمرة التاسعة في تاريخ مشاركته في النهائيات الإفريقية.
واضح ومعلوم لدى أهل الإختصاص،أن الإستعداد لنهائيات بحجم كأس إفريقية،يحتاج لثلاث ركائز أساسية،ممثلة في:
-الإستعداد البدني.
-الإستعداد الفني والتقني.
-الإستعداد الذهني
وبعد خوض المنتخب الوطني لثلاث مباريات،سنخوض في أهم الأسباب التي جعلت النخبة الوطنية تودع من الدور الأول.وهذه الأسباب تم حصرها في 10 وهي:
1-أختيارات المدرب.
تعامل الناخب الوطني مع المباريات تكتيكيا وفنيا من بين الأسباب التي جعلت المنتخب الوطني يخرج من الدور الأول وإختياراته لبعض المباريات.إذ فشل المنتخب الوطني في تحقيق الفوز،فكل من تابع المباريات سيلاحظ أن المدرب رشيد الطاوسي، كان يفتقر للشجاعة الهجومية في اللقائين الأولين أمام”أنغولا و الرأس الأخضر”.ولم يحسن المدرب توظيف اللاعبين كما يجب،.المبالغة في تقييد اللاعبين بأدوار دفاعية، والحذر والخوف من المنافس جعل المنتخب الوطني يضيع فوزين كانا في المتناول.
لوعرف الناخب الوطني وطاقمه كيف يستغلان نقاط ضعف المنافس ،ولو كان الناخب الوطني أكثر شجاعة”هجوميا”لتغير الوضع.مباراتا أنغولا والرأس الأخضر والنتيجة المحصل عليها فيهما من بين الأسباب التي جعلت المنتخب الوطني يخرج من الدور الأول.فمنتخب أنغولا متواضع في الدورة وأنهزم أمام جنوب إفريقيا بهدفين وأمام الرأس الأخضر بهدفين مقابل هدف ولكنه خطف نقطة ثمينة أمام أسود الأطلس.
2-الجاهزية البدنية.
قدم اللاعبون المغاربة 30 دقيقة في مباراتهم الأولى أمام أنغولا كما يجب، سيطرو وهددوا مرمى الخصم،قبل أن ينهار اللاعبون بدنيا في باقي الدقائق.مما جعل المنتخب المنافس يستحوذ على باقي مجريات المباراة،ولولا تسرع الخصم لخرج المنتخب الوطني منهزما في اللقاء الأول. بسبب عدم قدرة اللاعبين على مجارات إيقاع المباراة المرتفع.
ما وقع في مباراة أنغولا،يتكرر في مباراة الرأس الأخضر. إذ فشل اللاعبون المغاربة في فرض سيطرتهم في المباراة.وظهر اللاعبون بوجه مغاير،وتفاجئ المشجعون من أداء النخبة الوطنية في مباراة الرأس الأخضر.قبل أن يستفيق اللاعبون في أخير 15 دقيقة،ويتمكنوا من تسجيل هدف التعديل الذي خول لهم الحفاظ على أمالهم في التأهل وأعادهم ذهنيا وتقنيا للمباراة.وكل من تابع اللقاء سيلاحظ أنهيار بعض اللاعبين بدنيا وعدم قدرتهم على مجارات الخصم.وهو ما تكرر في المباراة الثالثة أمام منتخب جنوب أفريقية إذ تمكن الخصم من فرض سيطرته على أهم مجريات الشوط الثاني.
3-تواضع أداء بعض اللاعبين.
توقع النقاد والمشجعون المغاربة،من بعض اللاعبين أن يتالقوا،ليساعدو المنتخب الوطني،بحكم أنهم محترفين ولهم من الإمكانيات ما يخول لهم تقديم نهائيات تليق بإسمهم.لكن هؤلاء لم يقدموا أي إضافة للمنتخب الوطني.عندما أحتاج المنتخب لعطائتهم أختفى بريقهم.حتى أن بعضهم يعتبر أدائهم “السيء”مفاجئ ومثير للإستغراب،نظرا للأندية التي يمارسون فيها وللأمكانيات التي يتوفرون عليها.لن نذكر الأسماء،لأن المشجعون المغاربة تابعوا وشاهدوا أداء هؤلاء.مما جعل شريحة مهمة من هؤلاء تستغرب حول الأسباب والدوافع التي جعلت هؤلاءيظهرون بهذا السوء.
4-الرعونة الهجومية
انتهت ثلاث مباريات للمنتخب الوطني،وتمكن المهاجمون المغاربة من تسجيل 3 أهداف.المباراة الأولى أنتهت بالتعادل السلبي،ولم يتمكن المهاجمون من الوصول لشباك الخصم رغم الفرص التي أتيحت للمهاجمين في تلك المباراة.المباراة الثانية أمام الرأس الأخضر،بالكاد سجل المهاجمون المغاربة هدف واحد بينما ضيعو فرص لاتضييع سيما في الربع ساعة الأخير.المباراة الثالثة أمام جنوب إفريقيا،إن كان يجب علينا لوم أحد، فلن نلوم غير “العرابي و الشافني” الذين ضيعوا انفرادات أمام المرمى.وكان بإمكانهم حسم المباراة،ولكن رعونتهم الهجومية جعلت المنتخب الوطني يؤدي الثمن غاليا.
5-التركيز الذهني.
فشل الناخب الوطني في إعداد اللاعبين ذهنيا للتعامل مع مجريات المباريات.بحكم أن النهائيات الحالية تعتبر الأولى لبعضهم.وبسبب إفتقارهم للخبرة للمنافسة في الأجواء الإفريقية فقد كان واضحا على بعضهم عدم التركيز والتوثر في المباريات.أما المباراة الثالثة أمام أصحاب الأرض والجمهور فقد أعرت هذا الجانب بشكل فاضح،إذ بمجرد ما يسجل اللاعبون المغاربة الهدف، يرد عليهم الخصم بسرعة مسجلا هدف التعديل،والسبب عدم تركيز اللاعبين ذهنيا في المباراة.دون أن نغفل تشتيت ذهن بعض المحترفين الذين ينتظرون إنتقالهم الى أنديه أخرى،فجسدهم مع المنتخب وعقلهم مع أنديتهم ووكلاء أعمالهم لمتابعة جديد سوق الإنتقالات.
6-الهشاشة الدفاعية.
بدون دفاع قوي منسجم وصلب،لن تذهب بعيدا في أي منافسة.،فما بالك بمنافسة بحجم وقوة نهائيات كأس إفريقية.فالمنتخب الوطني دفاعيا”هش”رغم أن الناخب الوطني يلعب بأربع مدافعين في الخلف يطلب منهم الأدوار الدفاعية فقط.إذ لم يتقدم أي مدافع للمساندة الهجومية،سواء مدافعي العمق أو الظهيرين.
رغم هذا”التكثل الدفاعي” تمكن المنافسون من تسجيل ثلاث أهداف في شباك المنتخب الوطني.أهداف غيرت مجريات المباريات.إذ منح الهدف الأول التقدم للرأس الأخضر مما جعل المنتخب يعاني من أجل تعديل النتيجة.بينما هدفي جنوب إفريقيا جعلت المنتخب يودع المنافسة.
7-تطور الكرة الأفريقية.
عندما وضعت القرعة المنتخب المغربي بجانب منتخبات (أنغولا-جنوب إفريقية-الرأس الأخضر)نصح المراقبون الناخب الوطني”رشيد الطاوسي” أن يأخده حذره من هذه المواجهات التي تعتبر”لغم”.ففي إفريقيا لم يعد هناك منتخب صغير،يمكن العبور من أمامه بسهولة،في “ماما أفريكا”كل المنتخبات تطورت وأصبحت تؤمن بقدراتها.
من كان يظن أن منتخب الرأس الأخضر سيتمكن من إزاحة”الأسود الغير المروضة” من المنافسة وسيعبر من أمامها ليضيف إليهم أسود الأطلس.منتخب خلق الحدث في المجموعة الأولى وتمكن من حجز البطاقة الثانية ليرافق البلد المنظم للدور الثاني.فمنتخب الرأس الأخضر الذي ظن الأغلبية أنه الخصم السهل،تمكن من إحراج كل المنتخبات التي واجهها في المجموعة. إذ تعادل في مباراة الإفتتاح سلبيا أمام أًصحاب الأرض والجمهور،قبل أن يخطف نقطة من تعادل إيجابي أمام المنتخب المغربي ليحقق الفوز في مباراته الثالثة أمام أنغولا.فتطور هذا المنتخب وباقي المنتخبات الإفريقية،جعل حظوظ الكل متساوية ووحده الملعب من حسم.
8-الإنسجام واللعب الجماعي.
لا يزال لاعبو المنتخب الوطني،يحتاجون للوقت والمباريات،من أجل خلق إنسجام كبير بين اللاعبين.فمن تابع نهائيات كأس إفريقية الحالية سيلاحظ أن أداء بعض اللاعبين”فردي”ولايزال العمل ينتظر الناخب الوطني لتكوين فريق جماعي،يلعب كمنظومة واحدة.في المباريات الأولى عانى الفريق الوطني من أنانية وفردية بعض اللاعبين،مما أثر على اللعب الجماعيو”المنظومة الجماعية”.
كما أن غياب الإنسجام التام، يجعل صفوف المنتخب متباعدة،مما يسهل المأمورية على المنتخبات المنافسة لعزل صفوف المنتخب الثلاث عن بعضها البعض.لهذا لابد من الإستمرارية ومن لعب مباريات كثيرة بين اللاعبين لخلق إنسجام عالي بين هؤلاء.فالناخب الوطني لم يمضي على استلامه زمام قيادة المنتخب سوى أربع أشهر والمباريات التي خاضها المنتخب قليلة.ولو غيرت الجامعة المدرب الحالي فهذا يعني تغيير عدة مفاهيم”تكتيكية و فنية”لدى اللاعبين مما سيحيلنا للبداية من الصفر مجددا،لأن لكل مدرب أسلوب وفكر خاص به يحتاج اللاعبون للوقت للتشبع بثقافته وللتناغم مع أسلوبه وتكتيكه.
9-تكتيك المدرب.
اشتكى بعض اللاعبون من تكتيك المدرب رشيد الطاوسي.وادعى هؤلاء ان اسلوب المدرب يقيد إمكانياتهم.وممن انتقد تكتيك المدرب علانية اللاعب “منير الحمداوي” الذي صرح لوسائل الإعلام، أن الواجبات والأدوار التي يطلبها المدرب منهم تحول دون تقديم كل مافي جعبتهم في المباريات.
ولاحظ المراقبون أن تكتيك الطاوسي يمتاز بنوع من التحفظ، ويميل لطلب الأدوار الدفاعية حتى من بعض اللاعبين الذين يمتازون بأدوارهم الهجومية.لهذا تكتيك رشيد الطاوسي وتغييراته في بعض المباريات كانت تتسم بالغرابة،ولم تضيف أي دماء جديدة للمجموعة، بقدر ما جعلت المنتخب الوطني يضيع قطع غيار كانت ستقدم عطاءات أفضل لو منحت لها بعض”الحرية” في رقعة الملعب أو ثم توظيفها بالشكل المطلوب.
10-لاعب الأرتكاز.
دور هذا اللاعب مهم جدا في كرة القدم العصرية.وسئل بيب غوارديولا سابقا،عن أسباب تألق فريق برشلونة والمرونة التي يمتاز بها في وسط الملعب،فقال: أن الفضل في نجاحات الفريق يعود بعضها للاعب الإرتكاز”سيرجي بوسكتش” الذي يساعد صناع اللعب في استرجاع الكرات والربط بين الوسط الدفاعي والهجوم وفي تكسير هجمات المنافسين ومساعدة الفريق في بناء الهجوم من الخلف.
المنتخب الوطني بعد قرار المدرب الممثل في الإستغناء عن العميد”يوسف خرجة”شكل هذا المركز حلقة ضعف في المنتخب، وازداد الأمر سوءا بعد إصابة اللاعب هرماش،رغم أن اللاعب لم يقدم المأمول منه في المباراة الأولى.
ليتكرر نفس الشيء مع الأحمدي الذي قدم مباراة سيئة أمام الرأس الأخضر، مما جعل المدرب يجلسه في دكة البدلاء ويشرك اللاعب “العدوة”في محور الإرتكاز،”العدوة”الذي قدم مباراة رائعة في الوسط .فإصابة اللاعب”المهدي النملي” وعادل هرماش” وكلاهما لاعبا ارتكاز يمتازون بتأدية الأدوار الدفاعية جعل المنتخب يعاني على مستوى استرجاع الكرات والضغط على حامل الكرة في مناطق المنتخب الخلفية.
ولحظنا جميعا الأهداف التي سجلها الخصم.فبسبب عدم الضغط على حامل الكرة وغلق المنافذ أمام حامل الكرة،جعل هؤلاء يختارون الزاوية الأنسب للتسديد ويسددون الكرات بدون أي مزاحمة من أي لاعب مغربي مما نتج عنه هدفيين،من تسديداتين من خارج مربع العمليات.ولو كان لاعبي الإرتكاز يضغطون على حامل الكرة في مناطق المنتخب لما وجد هؤلاء الفرصة للتسديد وتسجيل الأهداف.
بقلم أوعنا بلعيد