سبورناظور : محمد زريوح, حميد حليش
في نشاطٍ موازٍ على هامش المسابقة الرسمية للأفلام بمختلف أصنافها الطويلة والقصيرة والوثائقية، التي وضعها مهرجان السينما الدولي المنظم من طرف مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، في طبعته الخامسة، بمدينة الناظور على مدار 6 أيام متواصلة، اعتباراً من 2 مـاي الجاري إلى غاية 7 منه، للتباري أمام أقطاب الفن السابع بالقارات الخمس، أٌقيمت عشية أمس الإثنين، بإحدى الفنادق المصنفة، ندوة دولية تمحور طرحها حول “الدّرس الإسباني”، بمشاركة وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، ونائبة رئيس الحكومة الإسبانية السابقة “ماريا تيريسا دي لافيغا”، ومواطنها القنصل العام للمملكة الإسبانية بالناظور، بحضور نخبة من الفاعلين السياسيين والحقوقيين والمدنيين من جنسيات عدّة، عرب وأجانب، أبرزهم المُحتفى به حسين العباسي أمين عام اتحاد الشغالين بتونس، الحائز مؤخراً على جائزة نوبل للسلام.
تطرقت “ماريا تيريسا دي لافيغا” بوصفها نائبة الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية “خوسيه لويس رودريغز ثاباتيرو”، في معرض مداخلتها، إلى جملة من القضايا المترابطة والمتداخلة فيما بينها بخصوص “الدرس الإسباني” موضوع الندوة، بحيث لم تعزل مسألة تغيُّر المجتمع الإسباني عن سياق التحوّلات التي شهدتها بلدان المنطقة المتوسطية تاريخياً بقارتها الثلاث، وليس أوروبا فحسب.
وعرجت “ماريا تيريسا” على العلاقات المتينة الضاربة في عمق التاريخ بين البلدين الجارين المغرب وإسبانيا، وكذا القضايا المصيرية المشتركة والملفات الهامة والحساسة منها التي يعكف الجانبيْن على الاشتغال على أرضيتها في إطار التعاون اللازم والضروري، من قبيل ما وصفته بمأساة النزوح الجماعي للمواطنين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء، وملف الإرهاب الذي يتهدد دول البحر المتوسط.
وخلصت المتحدثة إلى أن الدرس الإسباني يُستفاد منه مجملاً اعتبارات عديدة أسهبت في شرح أهم اعتبارٍ بحسبها، يتجلّى في كون اضطلاع المرأة الإسبانية بمهمة لعب دورٍ جوهري مسّ النواة الأساسية للبلد، تمثل في “تربية الناشئة”، بعد معاناتها عقود بحالها من الزمن، على عهد ما أسمته الديكتاتورية، من حيف وميز، ومن الانتهاكات جسيمة وخطيرة في حقوقها المنعدمة ترسانتها القانونية من الأصل، تردف.
وأعطت المتدخلة مثلاً على مظاهر بعض معاناة المرأة الإسبانية، بالرجل الذي كان له كامل الحق، تحت قوة مسوغات قوانين البلاد، وبمباركة العقلية الذكورية للمجتمع آنذاك، في دفن زوجته أو إدخالها السجن حَـالَ ضبطها متلبسة بأفعال الخيانة على سبيل العدّ، إذ بعد حقبة من الحرمان والمعاناة – تفيد المتحدثة – استطاعت المرأة وضع حدّ لهذا الألـم، والأكثر من ذلك، قيامها بمهمة التأثير بتصورها في صياغة معالم طريق الدولة الإسبانية، وفلاحها في تغيير الأوضاع وتوجيه حركية دفة المجتمع ومساهمتها الفعالة في الانتقال السياسي ولاحقا الديمقراطي.
وأردفت الضيفة الإسبانية أن المرأة في بلدها أوجدت لنفسها موطئ قدمٍ في مراكز القيادة والمسؤليات، وذلك لم يتأت تقول المتحدثة، إلاّ بعد إرهاصات تمخضت في البدء عن خلق أوّل مدرسة خاصة بتعليم النساء، وهو ما اُعتبر حدثاً تاريخيا مفصليا في حياة الإسبان آنذاك، ليُمهد ذلك الطريق نحو مرحلة التعليم الإجباري، وهي المرحلة التي مكّنت من إفراز حركة نسائية أدّت خلالها السيّدة الإسبانية ما كانت منوطاً بها حيال المجتمع وتربية الأجيال.
وأشارت “ماريا تيريسا” في هذا الصدد إلى أن أكثر النصوص تدريساً داخل الأقسام الدراسية للأطفال، مكتوبة على يد النساء الإسبانيات، داعية في الوقت نفسه نساء كافة بلدان البحر الأبيض المتوسط، لا سيما بلدان القارة السمراء، إلى الالتزام بدورهن حيال مجتمعاتهن مناديةً النخب، بإشراكهن في العمل السياسي والحزبي والحقوقي والمدني، من أجل الرقي بالأوطان، لأنه لا يستقيم الحديث عن تقدم بلدٍ تُقمع فيه المرأة.
وفي طرحه، أوضح عبد السلام الصديقي وزير التشغيل والشئون الاجتماعية، أنّ الديمقراطية ليست ترفـاً بالنسبة للمجتمعات، بـل حاجـةً محلة وماسّة بالنسبة للمواطنين، غير أن عدّو الديمقراطية والسلم، يضيف الصديقي، يتمثل في وحش الإرهاب الذي قال عنه أنه دخيل على المجتمع المغربي.
وأكد وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، على أنه الأهـم هـو التنمية البشرية، بحيث من خلالها يتأتى صنع التقدّم والازدهار والرقي بالمجتمعات، مبيناً أن الرّهـان يتلخص في نهاية الأمـر في توفير فضاءٍ عيش كريم، وزاد المتحدث بأن السبيل نحو خلاص بلدان منطقة البحر الأبيض المتوسط هو الاشتغال بشكل جماعـي.
ونبّـه مؤطر الندوة عبد السلام الصديقي رئيس مهرجان السينما الدولي للذاكرة المشتركة، إلـى ضرورة إشراك المرأة في العمل من أجل تطور الأمم، مردفـا أن العمل القائم على الجنس أمرٌ مرفوض ومنبوذ، مشيراً إلى أن المغرب يتوفر على نخبة من النساء يتقلدن مسؤليات كبرى، وهـنّ قياديات وأصبحت يشكلن رموزاً بحالها من خلال مواقعهن وداخل تنظيماتهن وشرائح من المجتمع.
واستطرد الصديقي أنه في المغرب كانت هناك سابقا وظائف وأعمالا حكراً على الرجـال، غير أنه اليوم اقتحمتها المرأة وأثبتت كفاءتها العالية جداً في مواقعها، كسلك الشرطة مثلاً الذي لوحظ أن النساء في هذه الوظيفة أكثر صرامةً في التعاطي مع عملها من الرجال.
المقال عن ناضورسيتي
[xyz-ihs snippet=”Adsensecarre”]