[xyz-ihs snippet=”Adsensecarre”]
مدربون وعداؤون سابقون يتاجرون في أوضاع اجتماعية لأبطال واعدين
يعتبر تجنيس العدائين من أكبر المشاكل التي تواجهها الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى منذ سنوات، وتعمل على محاربتها والحد منها نسبيا، باتخاذ مجموعة من الإجراءات القانونية والإدارية، غير أن الظاهرة تتواصل بسبب رغبة العدائين في تحسين ظروفهم الاجتماعية بالدرجة الأولى.
وتشمل ظاهرة التجنيس جميع الفئات العمرية في ألعاب القوى، رغم أن السماسرة الذين يعملون على اصطياد العدائين يركزون بشكل كبير على فئة الفتيان والشباب، ويستدرجونهم بوعود سرعان ما تتبخر بمجرد فشلهم في تحقيق أول إنجاز.
وتتسم تجربة تجنيس العدائين المغاربة دائما بالفشل، والاستثناء الوحيد الذي عرفته كان مع العداء رشيد رمزي الذي تمكن من منح البحرين ميدالية أولمبية، وخالد الخنوشي الذي لعب للولايات المتحدة الأمريكية، ومحمد مواعزيز الذي تألق مع بلجيكا.
في هذا الخاص سنحاول الإجابة عن أسئلة كيف يتم استقطاب العدائين وتجنيسهم؟ وما هي المشاكل التي سقط فيها العداؤون المجنسون؟ ومن هم الأشخاص المتورطون في هذه الظاهرة؟ وكيف يعملون بالمغرب ومع من ينسقون؟
الفئة المستهدفة
غالبية العدائين المستهدفين بالتجنيس تنتمي إلى فئة الفتيان والشباب، خاصة الذين لم يتجاوز سنهم 20 سنة، إلا أن هناك العديد من العدائين الذين يجنسون وسنهم يتراوح بين 25 سنة و28، لأنها مرحلة النضج بالنسبة إليهم من الناحية التقنية على الخصوص، كما أن عدم استدعائهم للمنتخب الوطني يزيد من رغبتهم في المنافسة تحت راية بلد آخر.
ويقول العداء (م ع) لـ “الصباح الرياضي” إن السماسرة يستهدفون غالبا العدائين المغاربة الذين ينافسون في المسافات نصف الطويلة، ويسعون إلى استقطاب العداء الذي يحقق أرقاما جيدة، فمثلا في مسافة 1500 متر، بمجرد ما يصل العداء إلى 3 دقائق و34 أو 35 ثانية، فإن الاتصالات تنهال عليه بكثرة، سيما إذا لم يكن ضمن المنتخب الوطني، ويواجه ظروفا اجتماعية قاسية.
وأكد عبد الإله أبا، مدرب وطني، لـ “الصباح الرياضي” أن بعض الدول مثل البحرين تستهدف العدائين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و22، وفي بعض الحالات النادرة يمكنها أن تجنس عدائين يفوق سنهم 25، إلا أن باقي الدول تبحث عن عدائين صغار السن، من أجل استغلالهم أطول مدة.
وأضاف أبا أن غالبية العدائين المستهدفين ينافسون في المسافات نصف الطويلة، لأن السماسرة يعرفون جيدا الإمكانيات التي يتوفر عليها العداؤون في هذه السباقات، ويمكن القول إن هذه الظاهرة تستنزف ألعاب القوى الوطنية من عدائين قادمين وأبطال واعدين.
الدول المجنسة
هناك العديد من الدول التي تعرض التجنيس على العدائين المغاربة، وأبرزها يوجد بمنطقة الخليج العربي وأوربا بنسبة أقل، غير أن أكثرها تجنيسا لهم البحرين وقطر وإسبانيا.
ويؤكد العداء (م ع) أن البحرين توجد في الرتبة الأولى، ويمكن تقدير عدد العدائين الذين جنستهم ب 15 عداء، ثم تليها في الرتبة الثانية إسبانيا ويصل عدد العدائين المجنسين بها حوالي 14، كما أن هناك دولا تأتي في الرتبة الثالثة، ضمنها إيطاليا وبلجيكا التي اتخذت إجراءات صارمة في تجنيس العدائين.
ويضيف العداء المذكور أن العديد من العدائين أصبحوا يتجهون إلى البحث عن التجنيس لدى دول صغيرة الكثافة السكانية خاصة بأوربا مثل سان مارينو وقبرص وبعض الدول الاسكندنافية، مشيرا إلى أنهم يستغلون عدم وجود عدائين مرموقين بها لدفع المسؤولين إلى قبولهم ومنحهم جنسيتهم.
واستنادا إلى تصريحات المصدر ذاته، فإن إيطاليا أصبحت تعتمد إجراء آخر، يقضي بوضع اسم العداء الراغب في التجنيس في موقع إلكتروني خاص ونشر إنجازاته رفقة معطياته الرياضية والشخصية، ويعرض على التصويت، وفي حال تصويت أغلب الإيطاليين عليه يتم استقباله بإحدى البلديات حيث تمنح له الجنسية.
ويقول يحيى سعيدي، الخبير في الشأن الرياضي، إن ظاهرة التجنيس تعرف تراجعا في السنوات الأخيرة، بسبب عدم وجود عدائين بإمكانهم تحقيق إنجازات كبيرة، وإن الدول المعروفة في تجنيس العدائين المغاربة مثل البحرين التي توجد على رأس القائمة، لم يعد يستهويها العداؤون المغاربة، بالنظر إلى تورطهم مع شبكات تنشط أيضا في المنشطات.
خلايا نائمة
شبه يحيى سعيدي الخبير في الشأن الرياضي اشتغال سماسرة تجنيس العدائين بالخلايا النائمة الموجودة في الإرهاب، إذ أن هناك العديد من المدربين المغاربة الذين يدربون بالخليج على الخصوص، منهم عداؤون سابقون يتوفرون على شبكة من المدربين الموجودين بالمغرب، ويقدمون لهم المعطيات التقنية حول أي عداء تمكن من تحقيق رقم مهم في أي مسابقة.
ويقول سعيدي إن قطر والبحرين وغيرهما من الدول التي تجنس عدائين مغاربة تربطها علاقات مع مدربين مغاربة وعدائين سابقين، يعرفون ألعاب القوى الوطنية جيدا، ويستقطبون العدائين المغاربة صغار السن، من خلال وعدهم بامتيازات مالية ومعنوية مهمة.
من جانبه، قال عبد الإله أبا، الإطار الوطني، إن هناك أطرا مغربية وعدائين سابقين وسماسرة ينتقون العدائين المتميزين من أجل إقناعهم بالتجنيس، والخطير في هذا الأمر أن العدائين المغاربة تصلهم وثائقهم الجديدة دون التنقل إلى البحرين أو قطر، وأن جميع الأمور يتكلف بها السماسرة المذكورون.
وكشف العداء (ع م) المعطيات ذاتها عن وجود سماسرة من مدربين وعدائين مغاربة يتوسطون في تجنيس العدائين، وأنه تلقى بدوره العديد من العروض في هذا الشأن من البحرين وقطر، وأن هناك العديد من الأطر المغربية الموجودة بدول الخليج شغلها الشاغل اصطياد عدائين صغار السن.
وعود كاذبة
كشفت المعطيات التي توصل إليها “الصباح الرياضي” أن أزيد من 95 في المائة من العدائين المجنسين، ينتهي مسارهم مبكرا، ولا يحصل السواد الأعظم منهم على مبتغاهم، بل إن بعض الدول تسحب جنسيتهم بمجرد تورطهم في قضايا منشطات أو فشلهم في تحقيق إنجاز مهم.
ويروي يحيى سعيدي أن رشيد رمزي رغم منحه البحرين ميدالية أولمبية، فإنه تورط بدوره في المنشطات، وتم طي ملفه بسرعة، سيما أنه خرج بفضيحة.
ويضيف سعيدي أن غالبية العدائين الذين التحقوا بدول الخليج لم تكن لهم نتائج جيدة، وأن العديد منهم لم يتوصلوا بالمزايا التي وعدوا بها، كما أن غالبيتهم تنتهي مسيرتهم بسبب المنشطات، لأن السماسرة من أجل كسب المال يلجؤون إلى إقناع العدائين بتعاطي المنشطات، لتحقيق نتائج سريعة واستخلاص المنح والإكراميات التي يتوصلون بها من عند المسؤولين الخليجيين، كما أن غالبية السماسرة لا تهمهم الأخلاق الرياضية بقدر ما يبحثون عن الإنجازات السريعة.
ويؤكد العداء (ع م) أن السماسرة يستغلون الظروف الاجتماعية للعدائين، إذ يعدونهم بتقاضي راتب يصل إلى 3 آلاف دولار شهريا والوظيفة في الجيش، ومنحهم مناصب تقنية بالأندية الخليجية، كلها أمور تشجع العدائين على قبول التجنيس ورفض حمل القميص الوطني، وما يزيد من التشجيع على ذلك أن الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى لا تهتم بأوضاعهم الاجتماعية.
ويوضح العداء المذكور أن الوعود التي يتلقاها العداؤون سرعان ما تتلاشى بمجرد عدم تحقيق نتائج جيدة، وأن البحرين مثلا لا تمنح جواز سفرها الأصلي إلى العدائين، وإنما تمنحهم جواز سفر صادرا لمهمة فقط، ويمثلها العداء على هذا الأساس، خاصة بالنسبة إلى العدائين العاديين، وأن المغربي الوحيد الذي حصل على جنسيتها هو رشيد رمزي، لأنه منحها ميدالية أولمبية.
واعتبر الإطار الوطني أبا أن السماسرة يتكلمون لغة المال، ويغرون العدائين بتلقي أجور شهرية، وامتيازات السكن والسفر إلى المغرب والمشاركة في تجمعات بدول مختلفة، كما يوفرون لهم العديد من التجهيزات والمعدات المهمة للتدرب.
اتفاقيات وشكاية
شكلت ظاهرة تهجير عدائين مغاربة إلى دول خليجية وأوربية، أحد أبرز الأولويات التي اشتغلت عليها الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى إلى جانب ظاهرتي المنشطات وتزوير الأعمار.
وأكد محمد النوري، الناطق الرسمي باسم جامعة القوى، في تصريح لـ “الصباح الرياضي”، أن الجامعة شرعت في التصدي لظاهرة تهجير أو تجنيس العدائين في عهد اللجنة المؤقتة السابقة، وأنها وقعت اتفاقية مع البحرين باعتبارها من أكبر الدول التي تجنس العدائين ضمنهم مغاربة.
وأضاف النوري أن الجامعة الحالية أبرمت اتفاقية أخرى مع البحرين وفرنسا، بعد تولي عبد السلام أحيزون رئاستها، وأنه تكفل شخصيا بالملف، بعد أن بادر للقاء مسؤولين بالاتحاد الفرنسي للعبة.
وأوضح النوري أن الإمارات بدورها كانت ضمن الإستراتيجية التي وضعتها الجامعة للتصدي للظاهرة، من خلال الزيارة التي أجراها رئيس الجامعة، على هامش إحدى التظاهرات الدولية، وكان له حديث مع المسؤولين الإماراتيين بهذا الشأن، بحكم العلاقة المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين، في الوقت الذي لم يتم إبرام أي اتفاقيات مماثلة مع اتحادات أخرى.
وقال الناطق الرسمي باسم الجامعة إن اللجنة المديرية وضعت أول شكاية ضد مجهول في 2010 لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، شأنها في ذلك شأن ظاهرة المنشطات، إلا أنها لم تتوصل إلى حدود اليوم بأي مستجد، وأنها تنتظر من السلطات تفعيلها في حال توصلها بأي معطيات جديدة.
وكشف النوري أن جامعة القوى والأندية تتكبد الكثير من الخسائر المالية في تكوين العدائين، وأنها تعمل من أجل تطوير إمكانياتهم وقدراتهم، وعندما يصبحون جاهزين يهجرهم السماسرة إلى بلد منافس، كما أن غالبيتهم يتوقف عن الممارسة، بسبب سوء التدبير وسقوطه في فخ المنشطات، ما يضيع على ألعاب القوى الوطنية مشروع بطل.
الوطن على المحك
يتبين من خلال المعطيات التي جمعها “الصباح الرياضي” حول ظاهرة تجنيس أو تهجير العدائين التي تعرفها جامعة القوى، أن العملية يقوم بها عداؤون ومدربون سابقون مغاربة، وأن أصابع الاتهام توجه إلى عدائين وأطر سابقين بالمنتخبات الوطنية.
وتؤكد أن غالبيتهم يفضلون المصالح الشخصية على مصلحة الوطن، من خلال استقطاب عدائين صغار السن، ومحاولة إقناع مسؤولي الدول المجنسة بقدرتهم على تحقيق إنجازات دون اتباع طرق سليمة، إذ أنهم يفضلون إبراز مؤهلات بعض العدائين من خلال إغراقهم في المنشطات لتسجيل أرقام قياسية، وتحقيق ربح مادي سريع.
والكثير من هؤلاء المدربين يفضلون البقاء بالخليج لأنهم اعتادوا تكوين عدائين باستعمال المنشطات وتزوير سنهم، وهي ظواهر تحاربها الجامعة، فضلا عن أنهم يتقاضون أجورا مرتفعة جدا، لا تقدر الجامعة على سدادها لهم.
إنجاز: صلاح الدين محسن