لم يبق سوى كابيللو!!
يبدو أن إعصار الإصابات الذي ضرب لاعبي المنتخبات المشاركة في النهائيات الأفريقية لم تترك لنا سوى فرصة الاستمتاع بإبداع المدربين وتكتيكهم على أرض الميدان. لكن حظنا العاثر بانخفاض مستوى مدربي معظم المنتخبات المشاركة في النهائيات – مقارنةً بمدربي الأندية -، دفعنا للتعلق بـ “قشة” كابيللو الذي أراه أفضل مدرب على وجه الأرض في الوقت الراهن… نعم، أفضل من جوزيه مورينيو!
فبنظرة سريعة على المنتخبات الـ 32 المشاركة في المونديال، لا يسعنا سوى الإشادة بثلاث: مدرب إنكلترا الإيطالي فابيو كابيللو، ومدرب إيطاليا مارتشيللو ليبي إلى جانب مدرب إسبانيا فيسينتي ديل بوسكي، فيما يشرف مدربون مغمورون على باقي المنتخبات المشاركة آملين في أن يمثل كأس العالم 2010 بوابتهم إلى النجومية.
وبرأيي المتواضع، فإن حظوظ كابيللو في انتزاع اللقب تبدو أكبر من نظيريه، سيما مع النجاح الباهر الذي حققه أينما حل، حتى أنه لم يدع أي لقبٍ مرموق في القارة العجوز دون أن يفوز به، فحقق لقب الدوري الإيطالي مع 3 أندية مختلفة، ولقبي دوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبية مع ميلان، وتوج بالدوري الإسباني مرتين إبان إشرافه على إدارة ريال مدريد في فترتين.
ويساعد كابيللو على تحقيق حلمه تشكيلة مرعبة لم ينجح سلفاه السويدي سفين غوران اريسكون وستيف ماكلارين في الاستفادة منها، إذ يضم “الأسود الثلاثة” عناصر مخيفة كجون تيري وآشلي كول وستيفن جيرارد وفرانك لامبارد وواين روني وغيرهم.
وعلى عكس الآخرين، لم يصب المنتخب الإنكليزي بلعنة الإصابات، إذ لم يضطر كابيللو سوى لاستبعاد قائده السابق ريو فرديناند الذي لم يقدم أصلاً موسماً طيباً مع مانشستر يونايتد، وربما كانت إصابته رحمة لكابيللو الذي لم يضطر لمواجهة الإعلام حال قرر استبعاد نجمٍ دون المستوى.
وتبقى العقبة الوحيدة أمام الإنكليز مركز حراسة المرمى الذي يئن منه “الأسود الثلاثة” منذ أن “لبّس” رونالدينيو دايفيد سيمان هدفاً رائعاً في مونديال 2002، إذ يلعب حامو العرين الثلاثة في أندية متواضعة لا تؤهلهم للدفاع عن ألوان المنتخب.
على الجانب الآخر، يدخل ليبي النهائيات بتشكيلة يبدو لأول وهلة أنها مزيج من عناصر الخبرة والشباب، إلا أن حال الـ “آتزوري” منذ أكثر من عامين يؤكد أن لدى ليبي مجموعة من العجائز غير القادرين على العطاء، والشبان الذين يفتقدون الخبرة الدولية، ما ينبئ بكارثة كبرى قد تعني خروج البطل من الدور الأول… وليست فرنسا 2002 عنّا ببعيد!
أما ديل بوسكي وكتيبة النجوم التي يقودها، فرغم ترشيحهم بقوة للقب ودخولهم العرس العالمي بمعنويات عالية، فإن التاريخ يأبى إلا أن يشكك في قدرتهم على المنافسة الجدية على اللقب. كيف لا ولم يسبق لهم بلوغ النهائي على مدى 80 عاماً؟ ناهيك عن ابتعاد المدرب الفذ عن المنافسات الحقيقية منذ 2005 حين استقال من تدريب بشيكتاش التركي وبقي “خارج الخدمة”، حتى استلامه قيادة “لا روخا” بعد أسابيع من فوزه باللقب الأوروبي.
وبالنظر إلى باقي المدربين، فلا يمكننا أن نتوقع من مارادونا سوى إيصال الأرجنتين إلى الدور الثاني بعد مشواره الكارثي إلى النهائيات، إذ بدا واضحاً افتقاده اللمسة الفنية التي برع فيها كلاعب، قبل أن تهجره كمدير فني ومدمن مخدرات سابق.
كما لن يكون مارادونا أفضل حالاً من خوسيه بيكرمان الذي أشرف على مجموعة رائعة من اللاعبين، دون أن ينجح في تخطي ربع النهائي بعدما اصطدم بالألمان أصحاب الأرض والجمهور.
ومن المحتمل أن يكون مونديال 2010 مسرحاً لبزوغ نجمٍ جديد – في عالم التدريب – اسمه كارلوس دونغا البرازيلي، أو حتى خواكيم لوف الذي يقود الـ “مانشافت” الألماني، لكن الأكيد حتى اللحظة هو أن الأضواء كللها ستتجه نحو كابيللو “الملك” المرشح لبعث أمجاد إنكلترا الغائبة عن التتويج منذ 1966.
أخيراً، آمل أن ينجح كابيللو في منحنا شيئاً من المتعة التي سلبتها الإصابات – رغم شهرته بالكرة المملة -، خصوصاً أن المؤشرات تنبئ بمونديال ينافس ذاك الذي استضافته كوريا الجنوبية واليابان في 2002 على لقب النهائيات الأكثر مللاً على الإطلاق.