أحمد الزوجال
صرح وزير الإعلام والإتصال مصطفى الخلفي ل ((العربية . نت)) أن “موضوع الصحافة الإلكترونية كان مثار مشاورات وجلسات تواصلية مكثفة ، قابلت خلالها الوزارة جميع الفعاليات والأطر والكفاءات والمؤسسات ذات الصلة وتوجت بيوم دراسي ” . وقال الوزير مسترسلا ” إنه وعلى ضوء هذا اليوم البعثي ، ومن أجل وضع مقاربة قانونية ، تم تشكيل لجنة تتكون من خبراء إعلامين وممثلين عن الهيئات الفاعلة في الحقل الإعلامي. وأبرز أن هذه اللجنة التي يرأسها عبد الوهاب الرامي ، الأستاذ في المعهد العالي لعلوم الإعلام والإتصال ، تعمل حاليا على إعداد كتاب أبيض يتضمن استراتيجية للنهوض بهذا القطاع المهم والواعد … لكي تكون الصحافة الإلكترونية عنصرا داعما لحرية الصحافة ولتعزيز الرقابة على الفاعلين في الشأن العام “.
كما تم الإعلان مؤخرا ، عن أعضاء اللجنة العلمية الإستشارية ، المكلفة بدراسة مسودات مشاريع القوانين ، المتعلقة بمشروع مدونة الصحافة والنشر .” وتوقف الخلفي أثناء كلمة له بمناسبة تقديم أعضاء اللجنة العلمية الإستشارية عند خمس تحديات مطروحة على المغرب في مجال الصحافة والإعلام منها أولوية تنزيل مقتضيات الدستور الجديد المتعلقة بقطاع الإعلام والصحافة وحرية التعبير وأولوية صياغة مدونة موحدة وحديثة وعصرية للصحافة والنشر ، مؤطرة لقطاع الإعلام والصحافة : وهي المدونة التي تضم مشروع قانون الصحافة والنشر، ومشروع قانون المجلس الوطني للصحافة ،ومشروع قانون الصحفي المهني ، ومشروع قانون الصحافة الإلكترونية ، بالإضافة إلى خمس مشاريع مصاحبة، تشمل مشروع قانون لاستطلاعات الرأي، ومقتضيات حول حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة ، تدمج في قانون الحق في الحصول على المعلومات ، ثم مشروع نص تنظيمي حول التوزيع ، ومشروع قانون الإشهار ، ومشروع مرسوم الدعم العمومي للصحافة المكتوبة .”
نقلنا بالحرف ما جاء في بعض الصحف المكتوبة حتى لا نتهم بأننا نقوم بالتشويش على عمل الوزارة الوصية على قطاع الإعلام . وما يهمنا فيما قيل هو إقصاء وتهميش الإطارات والصحفيين والمهتمين والمشتغلين في حقل الصحافة الإلكترونية .
حيث نقرأ التعميم الغير السليم ،الذي جاء على لسان الوزير ” جميع الفعاليات” مع العلم أن هناك فعاليات لم يتم حتى اشعارها أو اخبارها، فما بالك بالتواصل والجلوس معها ودعوتها مع الحالة هذه فالأصح أن يقال ” بعض الفعاليات ” .
وجاء في كلام الوزير، بمناسبة تقديم أعضاء اللجنة العلمية ،أنه هناك خمس تحديات، ونضيف نحن التحدي السادس ،الذي يتمثل في إشراك الجميع ، وخاصة الفاعلين في الصحافة الإلكترونية ، هذا إذا كانت الوزارة تؤمن حقيقة بأن الصحافة الإلكترونية قطاع واعد ومهم كما جاء على لسان السيد الوزير .
أما إذا كان الإعتقاد هو أن الصحافة الإلكترونية هي صحافة الدرجة الثانية أو الثالثة أو مهنة من لا مهنة له ، فمع هذا سوف نكون أمام واقع آخر ولكل مقام مقال .
وفيما يخص الإتفاقيتين ، فنحن نثمن ونبارك هذه المبادرة الجميلة التي كلفت الوزارة مليون درهم . لكن ما موقع الصحافة الإلكترونية في هاتين الإتفاقيتين؟ وكيف ستكون اسفادة الصحافة الإلكترونية من اتفاقية تقوية قدرات الصحفيين ودعم التكوين المستمر ؟ أليس أهل مكة أدرى بشعابها ؟ وهل حاجيات الصحافة المكتوبة هي نفسها لدى الصحافة الإلكترونية ؟
وتحدث السيد الوزير عن مشروع مرسوم الدعم العمومي للصحافة المكتوبة تخصيصا ولم يتم ذكر الصحافة الإلكترونية . كما نرى أن كل مشاريع مدونة الصحافة والمشاريع المصاحبة لها ،تذهب في اتجاه وحيد تقريبا ، باستثناء مشروع قانون الصحافة الإلكترونية.
أما عن أسماء اللجنة نسجل احترامنا لهم وتقديرنا للجميع . لكن أين كرسي الصحافة الإلكترونية في اللجنة ؟ ألم يكن من الإنصاف والعدل أن تمثل الصحافة الإلكترونية بأحد الأسماء المعروفة في المجال ولها دراية وممارسة فعلية ؟
ونذكر بتصريح الوزير لعل الذكرى تنفع المؤمنين حيث قال “….لكي تكون الصحافة الإلكترونية عنصرا داعما لحرية الصحافة ولتعزيز الرقابة على الفاعلين في الشأن العام ” . فكيف يمكن للصحافة أن تقوم بهذا الدور الكبير والضخم بدون إمكانيات مادية ولا معنوية ؟ وهذا لا يعني أن الصحافة الإلكترونية لا تقوم بهذا الدور بل تقوم بأكثر من ذلك بامكانياتها البسيطة ؟
لا أريد أن أقول هناك إقصاء ممنهج للصحافة الإلكترونية أو هناك انقلاب أبيض على وزن الكتاب الأبيض . ما هو حاصل الآن هو التهميش والإقصاء وقد يصبح هذا الأخير ممنهج فيتحول إلى انقلاب أبيض . لكن لن نسكن على هذا الإنقلاب ولا على المكتسبات التي حققتها الصحافة الإلكترونية . كما أننا سنقاوم قدر المستطاع وبحسب إمكانيتنا الضعيفة والمتاحة كل توجه يهدف إلى التضييق على حرية التعبير والرأي في الإعلام الإلكتروني . وحتى لا يفهم عكس ما نقول ، نحن لسنا ضد تنظيم القطاع ، لكن ضد التقنين الذي يرمي إلى الضبط والتقييد والتضييق . ومع المساعدة والدعم والمصاحبة وضد الوصاية التحكمية . لأن قوة الصحافة الإلكترونية في جرأتها وإستقلاليتها وهامش الحرية الواسع في بحر الأنترنيت .وسوف تكون أكثر قوة إذا توحدت كلمتها ونظمت نفسها بنفسها، وهذا يقف على رغبة وإرادة المشتغلين في الصحافة الإلكترونية.
فلا يمكن أن نحقق ما نصبو إليه ، وهناك من يمارس الأستاذية ويعتبر نفسه الصحفي الوحيد الموجود في العالم الإفتراضي وهو الذي يكتب ويحاور وينشر وغيره ينقلون . ينبغي النزول من البرج العاجي إلى أرض الواقع ، وتنسيق الجهود والإشتغال على الأهداف المشتركة . لأن الجميع سوف يحتكم لقانون لم يساهم في كتابة بنوده، وفصوله، وأبوابه . وأبواب مشروع قانون الصحافة الإلكترونية قد يفتح أبواب أخرى تعلمونها جيدا .وفصوله قد تكون فصول محاكمات لا تنتهي ، أما بنوده فلن تخلو من ذعائر ثقيلة أو خيفة فالأمر سيان ، مما سيجعل من الذي أثقل كاهله بالذعيرة يتسول أو يبيع نفسه في المزاد العلني ولا أحد يشتريه . إذن لنتحرك جميعا قبل فوات الأوان .