مازالت فتوى “تحريم خلع الملابس أثناء المعاشرة الزوجية”، تثير أصداءا واسعة في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، على رغم تكذيبها من قبل رجل الدين اليمني على الربيعي الذي أكد أنها لُفّقت باسمه، معلنا عن مكافأة مالية لكل من يدله على (أي بي) حاسوب الجهة التي (ألصقت) الفتوى باسمه.
وعلى رغم أن تجارب إصدار الفتاوى عبر سنوات، حسب تقرير لـ “إيلاف”، تفيد ان الكثير منها، آراء شخصية لا تعتمد على نص شرعي يمكن التسليم به، والاتفاق حوله، لاسيما وأنها تعبر عن ظن فردي يحاول صاحبها مساندتها بآيات وأحاديث لا تتعلق بجوهر الموضوع، فإن هذه الفتاوى لها اتباع بالآلاف يحرصون على الأخذ بها وتطبيقها في الحياة اليومية.
وعلقت صحيفة “الرأي” الكويتية، في عددها الصادر اليوم، على الفتوى باعتبارها “شيئا غريبا ولافتاً للنظر”، مشيرة إلى قول الشريف الشيخ شريف شحاتة أحد علماء الدين في الأزهر “مثل هذه الفتاوى غريبة وتحرم ما أحله الله، وأنه لا يوجد في الكتاب والسُنة ما يؤكدها أو يؤيدها”.
وفي وقت سابق كانت هناك بعض الفتاوى التي نسبت الى الربيعي، منها “تحريم زيارة الأهرامات”، وأخرى “تحرم على الزوج لمس ثياب زوجته الداخلية حتى لا يقع في”.
وكرد فعل على الفتوى، اعتبرت الدكتورة سعاد صالح، مديرة الدراسات الاسلامية للبنات في جامعة الأزهر، أنه “يجوز شرعا للزوجين أن يعملا النظر بجسديهما من أجل التقريب بينهما باستثناء الفرج”.
ويندد عبد المعطي، عضو مركز الدراسات الإسلامية، في هذه الفتوى قائلا “التعري بين الزوجين لا يبطل زواجهما ويمكن أن ينظر أحدهما إلى أعضاء الآخر دون الولوج في الدبر”.
ويرى فهد عامر الأحمدي، في مقال له في صحيفة “الرياض” السعودية، أن “تأمل هذه الفتاوى يكشف أنها في حقيقتها مجرد آراء شخصية لا تعتمد على نص شرعي يمكن التسليم به، والاتفاق حوله (كما هي الحال مع الربا والخمر ولحم الخنزير مثلا).. وحين تخلو أي فتوى من (قال الله وقال الرسول) تنزل إلى مستوى الرأي الشخصي والظن الفردي حتى وإن حاول صاحبها مساندتها بآيات وأحاديث لا تتعلق بجوهر الموضوع”.
ويزيد في القول ” الفتاوى الظنيّة، مصطلح أُجبرت على ابتكاره في آخر مقال للتفريق بين الفتاوى الشرعية الأصيلة (التي تعتمد على ماقال الله، وقال الرسول) والفتاوى القائمة على الظنون والقواعد الفقهية الفضفاضة”.
ومن أمثلة الفتاوى الظنية التي لها جذور يمكن تتبعها في التراث الفقهي، فتوى ابن تيمية في تحريم الكيمياء المسؤولة اليوم عن إنتاج آلاف العقاقير والأدوية والمنتجات الصناعية والاستهلاكية..
ويعرج الأحمدي على الكثير من الفتاوى “المتخلفة عن عصرها” مثل فتوى تحريم الراديو، وتحريم اللغة الانجليزية إلى تحريم ابتعاث الطلاب إلى الخارج، وتحريم كرة القدم والذهاب للكوافيرات. كما يسوق أمثلة أخرى كثيرة على فتاوى يعدها كثيرون غير مناسبة مثل: عدم جواز استعمال المرأة للانترنت (إلا بوجود محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها)، وجواز إرضاع المرأة لزملائها الرجال في العمل، وتحليل القبلات بين الشباب والفتيات باعتباره من اللمم (وهذه بالذات لجمال البنا)، وتحليل زواج المتعة تحت مسميات المسيار والمسفار والزواج فرند، وتحريم زواج المعلمة بمن يقودها للمدرسة.
ويعلّق أحمد الصراف، في مقال له في صحيفة “القبس” الكويتية على الكثير من الفتاوى غير الحقيقية التي يروج لها “أصحاب عقول صغيرة ونفوس مريضة من شباب الشيعة والسنة بعضهم ضد بعض، وما يتكلفونه من مال وما يضيعونه من وقت ثمين وما يهدرونه من مواهب نادرة في تركيب أفلام وافتعال أحاديث للإساءة بعضهم لبعض”.
من جانب آخر، يعتبر يوسف الكويليت، في مقاله في جريدة “الرياض” السعودية، أن القضية “لا تتعلق ما بالمرأة فقط بل بالفتاوى والآراء التي تختلف من شخص لآخر في شؤون الحياة العامة”.
وينبّه علي سعد الموسى، في صحيفة “الوطن” السعودية، إلى أن “الفتوى تبلع أختها النقيضة السابقة في نوازل عصرية كثيرة من فقه الواقع بسبب رؤية الفرد لا بصيرة المجموع”. ويتابع “قرأنا ذلك في فتاوى التقنية مثل الإنترنت والفضائيات وحتى في أنماط الهواتف المحمولة وخدماتها المختلفة”.