شهير أكردوع / العبور الصحفي
كم يبدو لك بنو آدم قاسيا وأنت ترى الطفل « محمد أمين » ذو التسع سنوات، والذي نال نصيبا وفيرا من الوسامة، لا يستطيع الجلوس كسائر الناس، فإذا أراد الجلوس اتخذ وضعية جانبية متكأ على جنب، ليس بسبب مرض أو علة ربانية، بل بفعل مسلسل الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها ولا يزال، حتى ألحقت به أضرارا بليغة على مستوى مؤخرته جعلته يخطو بطريقة غير طبيعية.
مأواه الرصيف، وزاده ما يجود به بعض المحسنين، وحياته سواد قاتم، فالوحوش البشرية كانت أقسى من الظروف التي يعيشها، حتى جعلت « محمد أمين » يهاب المساء والليل، ففيهما يرى الويل، منتظرا أي حيوان آدمي يأتيه ليصحبه إلى أعلى منطقة في « ترقاع » متواريا عن الأنظار في الغابة ليمارس عليه الرذيلة، وأحيانا يتناوبون في ذلك وهم ثلاثة أو أربع بشكل دائم وعلى مر الأيام، ليفرغوا مكبوتاتهم وشذوذهم في طفل بريء لا يستطيع الدفاع عن نفسه، فلمن يشكو؟ هل لأمه التي تركته طفلا صغيرا واختارت أن تتزوج وتمضي في حياتها، أم لأبيه الذي هو بدوره أدار له ظهره وفضل الزواج وبناء أسرة أخرى، حتى أصبح يتيم الأبوين وهما على قيد الحياة. وضعفه جعله فريسة سهلة ينالها كل جبان مختل، وبات مستغلا من طرف أناس أحياء بضمير ميت. وأثناء استفسار العبور الصحفي عند بعض سكان الحي عن سبب تركه في الخلاء دون تحركهم لإنقاذ هذا الطفل واصطحابه إلى دار الخيرية، كان جوابهم أن « محمد أمين » يفضل التشرد على أن يؤوى في مركز الإيواء، فكم من مرة تم فيها اصطحابه إليها، ولا تمضي إلا بعض الأيام حتى يفر منها ويعود إلى قدره في الحي المشئوم، ليلقى مصيره المحتوم والحكم الصادر في حقه بالاغتصاب المتكرر. فهل سيتحرك المسئولون لحماية هذا الطفل الذي من حقه أن يحمى، أم أن كل واحد منهم يحكم إغلاق باب بيته آمنا على أولاده، ولا يأبه لأولاد الشعب الضعفاء.