على غير العادة اختفت مظاهر إطلاق الرصاص والمضادات الأرضية في بنغازي -معقل الثورة الليبية- عقب الإعلان عن اعتقال سيف الإسلام القذافي، وبدت المدينة الأم وكأنها تستعيد ذكرياتها مع تهديدات نجل معمر القذافي.
ففي مارس/آذار الماضي قال سيف الإسلام -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– لوسائل إعلام عالمية إن الوقت تأخر وإن قواتهم على مشارف المدينة لترويضها وإعادتها إلى أحضان الأب.
وكان مسؤولون ليبيون بينهم مسؤول ملف العدل في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمد العلاقي أكدوا للجزيرة اعتقال سيف الإسلام (39 عاما) مع مرافقين اثنين على الأقل في منطقة صحراوية قرب مدينة أوباري التي تبعد 200 كلم عن مدينة سبها.
وقد تجولت الجزيرة نت في شوارع كثيرة في بنغازي وشاهدت الأطفال والنساء والشيوخ وهم يعبرون بهدوء عن فرحتهم لسقوط آخر أوراق العائلة الحاكمة سابقا في ليبيا، فالسيارات تطلق أبواق الفرح والأطفال يقفون على جوانب الطرق يلوحون للمارة بالأعلام الجديدة.
وفي ساحة التحرير التي تعتبر قبلة الثوار، تجمع العشرات وسط هتافات تشير إلى أن سيف الإسلام قبضت عليه ليبيا وليس الزنتان أو مصراتة، وذلك في نبذ للصيحات الجهوية التي خرجت أخيرا على صفحات الشبكة العنكبوتية.
بخور في بنغازي لاعتقال سيف الإسلام
|
أم الثوار
لكن أفضل المشاهد التي سجلت في بنغازي كانت لأم الثوار “مريم المصراتي” التي كانت تطوف بالأبخرة وتردد الأدعية والتكبير لحياة ثوار ليبيا.
وقد عبر مواطنون ليبيون تجمعوا في ساحة بنغازي عن مدى فرحتهم وبهجتهم لاعتقال سيف الإسلام، وهو ما أشار إليه خالد حمد المصراتي الذي قال إن عائلة القذافي “الطاغية” انتهت إلى غير رجعة بعد استيلائها على أموال وخيرات البلاد، وتساءل “كيف للقذافي أن يشتري تمثالا من ذهب لابنته عائشة؟”.
أما عبد المولى الورفلي فيرى أن سيف الإسلام لا يشكل شيئا بالنسبة لهم، لكنه اعتبره مصدر فتنة وقلق ورأس شر، متوقعا أن يتم إخماد نار الفتنة بعد اعتقاله.
وتعتبر الناشطة مريم مفتاح أن نهار اليوم شهد فرحتين: فرحة اعتقال سيف الإسلام، وفرحة إخراج المحامين من مقر محكمة شمال بنغازي وتحويله إلى متحف للثورة. بينما تقول أسماء الرعيض إن كرامتها عادت إليها في هذه اللحظات.
وعلى صعيد التصريحات الرسمية وغير الرسمية، قال عضو المجلس الانتقالي علي المانع إن المجلس سعيد بهذا الحدث، واعتبر أن ابن القذافي الثاني هو أحد مصادر المعلومات السرية قبل وبعد ثورة 17 فبراير.
واتهم المانع سيف الإسلام بالوقوف وراء عمليات الاغتيال في صفوف الثوار، وأكد أنه هدد في أكثر من مناسبة وشاهده الليبيون يتوعدهم فوق ظهر دبابة، مشيرا إلى أنه لم يترك أي مجال للحوار أو التفاوض، وقال “إنه كان أشرس من والده المقبور”.
وذكر المانع أن سيف الإسلام يملك الملفات القديمة لعلاقته بقيادات الأجهزة الأمنية. ويتمنى المانع إغلاق ملف النظام المنهار بالقبض على رئيس المخابرات عبد الله السنوسي المطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى نجاح إجراءات وزارة العدل والمجلس الانتقالي لاستلام الساعدي القذافي من النيجر.
مواطنة ليبية تعبر عن فرحتها لاعتقال سيف الإسلام
|
آخر مسمار
ومن جهته أكد الناشط السياسي جمعة القماطي اكتمال نصر الثورة الليبية بالقبض على آخر أبناء القذافي، مستبعدا أي أخطار قادمة بعد انتهاء العائلة، على اعتبار أن اثنين من أخطر ثلاثة من أبناء القذافي قد قتلا هما خميس والمعتصم والثالث قبض عليه اليوم، وأكد أن الأخير أخطرهم.
ويتمنى القماطي من الثوار الذين قبضوا على سيف الإسلام الحفاظ على حياته وأن يبادروا إلى تسليمه للجهات المختصة من أجل التحقيق معه في كل ملابسات الجرائم التي قال إنه تورط فيها سواء في الثمانية أشهر الماضية أو منذ بروزه على الساحة السياسية قبل عشرة أعوام.
وطالب الناشط السياسي بمحاكمة سيف الإسلام في ليبيا أولا، ثم بعد ذلك يناقش المجلس الوطني مع المحكمة الجنائية الدولية ضرورة تسليمه إليها من عدمه، مشددا على أهمية توافق الليبيين على ضرورة محاكمته في الداخل.
ويرى الناشط الإسلامي ونيس المبروك الفسي أن إلقاء القبض على سيف الإسلام هو بمثابة آخر مسمار في نعش حكم آل القذافي، مؤكدا أن الأذى الأمني لا يمكن أن ترفع ظلاله على المجتمع الليبي والدولي إلا عند العثور على عبد الله السنوسي.
وأضاف المبروك الفسي أنه “حتى الشجر يفرح” بسقوط آخر أوراق الفساد والظلم والطغيان.