شهير أكردوع
لم تكن تعلم السيدة « ص-أ » المقيمة بالخارج وأم لثلاثة أبناء، أنها ستفتح باب جهنم على نفسها وتدخل في دوامة من ظلم واحتيال لن تستطيع النفاذ منها على حد تعبيرها، حين فكرت أن تشتري منزلا في بلدها الأم. وأخبرتنا أن حكايتها بدأت وقت قررت شراء منزل بحي « ترقاع » على المسمى « م-ا »، مثلها مثل كل المهاجرين المغاربة الذين يفضلون اقتناء منازل في وطنهم الأصلي، قصد الإقامة فيه أثناء العطل. والذي اتفق معها على المبلغ الذي حدداه ب 28 مليون سنتيم ليبيعها منزله الكائن بالحي المذكور آنفا. حين تمت المعاملات واستلمت مفاتيح منزلها الجديد فوجئت بعد أسبوع وأثناء تواجدها بألمانيا باتصال من أحد المعارف يخبرها بأن الشخص الذي باعها ذلك المنزل قد اقتحمه، مما جعلها ترجع إلى المغرب على عجل لتستفسر عن هذا الأمر. فتفاجأت عند وصولها بالسيد « م-ا » وقد احتل منزلها مبررا ذلك بأنه لم يبعها منزله، وحين راجعت الضحية عقد البيع اتضح لها أنها كانت ضحية احتيال درس وخطط له بعناية، بحيث أن صاحب المنزل الذي كان من المفروض أن يبيعها منزله، عقد معها عقد وعد للبيع مكان عقد البيع. مستغلا جهل السيدة باللغة العربية وكذا كونها أنثى وحيدة عاشت كل حياتها بألمانيا و تتحمل مسؤولية نفسها وأبناءها، فوجد فيها ضالته وحسبها ضحية سهلة المنال، أضافت السيدة « ص-أ ». وكرد منطقي التجأت الضحية إلى القضاء كقرار طبيعي يتخذ في هذه الحالة لاسترداد حقها.
اتجهت السيدة « ص-أ » نحو مكتب المحامي السيد « م-أ » الذي قبل أن يترافع عنها مستعينا بالشهود وبعض الوثائق التي تدل على أن السيد « م-ا » استلم مبلغا قدره 28 مليون سنتيم من السيدة « ص-أ ». بعد أن اتخذت القضية مجراها تم اعتقال صاحب المنزل، وبعد علمه بأن كل الدلائل ضده اعترف بفعلته ووافق أن يرد المبلغ المالي للضحية شرط أن تتنازل عن شكايتها. وكسيدة وحيدة وغريبة عن وطنها استشارت محاميها وقررت التنازل عن الدعوى واختصار الطريق لتسترد مالها وتنهي هذا الكابوس الذي أرق مضجعها على حد تعبيرها، وأضافت أنها بعدما ذهبت بمعية المحامي الذي وكلته إلى البنك لاستخراج نقودها، أخبرها هذا الأخير أن النقود ستودع في حسابه الخاص. حين استفسرت عن سبب ذلك، برر بأن المبلغ النقدي يجب أن يمر من خلال حسابه إلى المحكمة كآخر إجراء في القضية. وأكدت الضحية أنه قد انتابها شعور بالريبة حيال هذا الأمر لكنها رضخت لأمر المحامي بصفته المدافع الشرعي عن حقها. مرت الأيام و توجهت السيدة « ص-أ » إلى مكتب المحامي « م-أ » لتطالبه بنقودها أو أي وثيقة تثبت أنه استلم نقودها، إلا أنها فوجئت بالمحامي ينكر استلامه أي مبلغ يخصها وأنها لا تدين له بشيء. وأضافت الضحية أنها لم تصدق ما حدث بعدها حينما تم احتجازها من طرف المحامي وكاتبته في مكتبه إلى أن حضرت الشرطة، واقتادتها إلى المخفر كمواطنة مذنبة، وسرعان ما تم إخلاء سبيلها وحجزت كل وثائقها الشخصية من بطاقة التعريف وجواز السفر ودفتر الحالة المدنية لتعود في يومه الموالي ويتم تقديمها مباشرة إلى وكيل الملك بتهمة السب والشتم ومهاجمة مكتب محامي، وقد أثار ذلك استغراب الضحية ولم تصدق ما يجري لها على حد قولها.
وأضافت أن وكيل الملك أمر بالإفراج عنها بعد أن تنازل المحامي على الدعوى، فبحكم مهنته وعلمه بثغرات القانون أيقن أن موقفه ضعيف في القضية، لأن الضحية لديها شهودا حضروا وقت استلام المحامي المبلغ المالي وأودعه في حسابه، إضافة إلى بعض الوثائق البنكية التي تؤكد صحة ما تدعيه السيدة « ص-أ ». لم يجد المحامي مسلكا أمامه إلا أن أرجع مبلغ 25 مليون سنتيم إلى الضحية فيما بقي مبلغ 3 مليون سنتيم في ذمته، وقد أكدت الضحية أن المحامي ما زال يراوغ من أجل الاستحواذ على ما تبقى من المبلغ. وقد أظهرت السيدة « ص-أ » جل ما بها من حزن وأسى جراء ما حصل لها على يد من يفترض أن يكونوا من خيرة ما أنتجه المجتمع، أولهم المحامي الذي نصب عليها باسم القانون، وثانيهم رجال الأمن الذين تحركوا بسرعة البرق لتقديمها للمحاكمة كمعتدية، دون أن يتأكدوا من صحة ما ادعاه المحامي، وذلك بسبب نفوذ هذا الأخير الذي عجل بتقديم الضحية إلى وكيل الملك في مدة لم تتجاوز 24 ساعة كما قالت.
جدير بالذكر أن عددا من المحامين نظموا وقفة احتجاجية منذ أيام في محكمة الاستئناف بالناظور، مؤازرة لزميلهم المحامي الذي اعتبر ما تعرض له من موكلته اعتداء عليه ويمس نقابة المحامين ككل.