أثار اختيار اللاعب منير الحدادي، مهاجم نادي برشلونة الإسباني، اللعب لمنتخب “لاروخا” عوض “أسود الأطلس” استياء الشارع المغربي، الذي كان يمني النفس في رؤية الموهبة التي بدأت تشق طريقها بثبات في عالم المستديرة رفقة نادي “التيكي تاكا”، بزي القميص الوطني حتى يعيد له بعضاً من بريقه المفقود.
الحدادي ومثل الكثير من مغاربة المهجر، الذي تألقوا رفقة الفئات السنية لأنديتهم ومنتخبات بلدان الإقامة، استفادوا فقط من تهميش مسؤولي كرتنا الوطنية، وغياب هيكلة واضحة للفئات العمرية في السنوات الماضية، عكس منتخبات أوروبا التي وفرت لهم ظروف التألق والعطاء وواكبتهم بشكل منتظم ضمن فئاتها.
“نداء الاستغاثة” الذي يطلقه مسؤولو الكرة بالمغرب، و”صراخ النجدة” لهؤلاء اللاعبين، الذي تلقوا تكويناً كاملاً خارج المملكة، من أجل العودة وتمثيل منتخب بلاد الجذور والأصل، لا يفلح في الكثير من الأحيان كما في حالات الحدادي والشاذلي وأفلاي، وماهر وآخرون..، الذين كشفوا بالواضح عجز المنظومة الكروية في المغرب على تكوين لاعبين بنفس إمكانيات خريجي “لاماسيا” ومراكز التكوين العالمية الأخرى.
الحدادي: “برشلونة وإسبانيا.. لا للمغرب”!
قصة منير الحدادي حسب رواية حسن بنعبيشة لـ”هسبريس” بدأت مع دعوته اللاعب للالتحاق بمنتخب الشبان، ليلقى عندها تطمينات من أسرته بكونه لن يلعب إلا للمغرب، حسب تصريحات أم منير للإطار الوطني، لينقطع بعدها الاتصال بين الجانبين دون أي تدخل من الجامعة الوصية للتقرب من اللاعب وأسرته، أو حتى الحفاظ على خيط تواصل إلى حين اقتراب اللاعب من سن يؤهله لحسم قراره النهائي حول هوية المنتخب الذي سيمثله في المستقبل.
أتى بعدها الدور على عبد الله الإدريسي، مدرب منتخب أقل من 20 سنة، الذي حاول بدوره ضم منير إلى منتخب الشبان الذي كان يعد للطوغو، التي أقصت الأشبال من تصفيات “الكان” قبل شهرين، وكان الرد من الأم هذه المرة “برشلونة وإسبانيا.. لا للمغرب”، يقول الإدريسي في تصريحات لـ”هسبريس الرياضية”.
بعد ذلك بأشهر قليلة.. تتفجر موهبة حدادي، باستغلاله فرصة لويس إينريكي، مدرب برشلونة، ويكتفي الزاكي بتحليل تصريحات الموهبة الصاعدة، مقابل تحرك إسباني سريع بضم اللاعب إلى فئة أقل من 21 سنة ومنها إلى المنتخب الأول..
مستور.. جوهرة الميلان تَرفُض المغرب
أكد مصدر موثوق بنادي ميلان الإيطالي لـ”هسبريس الرياضية” رفض موهبة ميلان الشابة، هاشم مستور، فكرة اللعب للمنتخب الوطني المغربي، سواء منتخبه الأول، الأولمبي، أو الشبان، في الوقت الذي نفى فيه مدربو المنتخبات الوطنية، توجيههم أي دعوة للاستفادة من خدمات اللاعب.
غياب استراتيجية لتفادي “هُروب” مواهب المهجر
دعا الإطار الوطني عبد الله الإدريسي إلى متابعة اللاعبين المغاربة الذين ينشطون ضمن الفئات السنية للأندية الأوروبية بشكل مستمر ودقيق، مع ضرورة التوصل بتقارير شهرية حول تطور مستوى أبرز هؤلاء اللاعبين، إضافة لتنظيم لقاءات تواصلية معهم وعائلاتهم، “مما سيضمن تلبيتهم لدعوات المنتخبات الوطنية بشكل سلس ودون مشاكل.. مع قطع الطريق على منتخبات بلدان الإقامة مبكراً”، يضيف مدرب منتخب أقل من 20 سنة.
من جانبه اعتبر حسن بنعبيشة أنه يعمل وبتنسيق مع مندوبي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بالعديد من البلدان الأوروبية على رصد أبرز المواهب المغربية ودعوتها من أجل الالتحاق بالمنتخب، مشيراً إلى أن دوره ينتهي عند هذا الحد، ليبدأ دور الجامعة في إقناع اللاعب بالحضور.
جولات أوروبية لـ”وَقْف النزيف”
قال ناصر لاركيت، مدير الإدارة التقنية الوطنية، في تصريحات لـ”هسبيرس الرياضية” إنه يهيئ رفقة مندوبي الجامعة، الذين يعملون على رصد أبرز المواهب الممارسة بالدوريات الأوروبية، للقيام بجولة في أغلب البلدان الأوروبية التي ينشط فيها لاعبون مغاربة، قصد مجالسة المتميزين منهم، لتقديم أهداف المنتخبات الوطنية المغربية وطريقة العمل والمنافسات المقبلة عليها، من أجل تشجيعهم على حمل القميص الوطني.
ودعا مدير المنتخبات الوطنية لأقل من 17، 19 و23 سنة إلى احترام قرار بعض الشبان في تمثيل منتخبات أخرى غير المنتخب المغربي، مرجعاً ذلك إلى مجموعة من العوامل، حصر بعضها في المحيط الأسري، وتشبع هؤلاء اللاعبين بثقافات بلدان الإقامة، مردفاً: “هذا يجعل مسألة تمثيلهم للمنتخب المغربي صعبة ومعقدة.. ويجب احترام ذلك”.
وأضاف لاركيت، أن هيكلة المنتخبات الوطنية، والحرص على مشاركتها المستمرة في نهائيات كأس أمم إفريقيا ونهائيات كأس العالم إضافة لبعض الدوريات الودية العالمية، سيشجع أكثر لاعبي المهجر على حمل قميص “أسود الأطلس”.
لماذا الفشل في تكوين أمثال حدادي ومستور بالمغرب؟
اعترف مدير الإدارة التقنية الوطنية، بـ”عجز” الكرة المغربية خلال السنوات الأخيرة على إنتاج لاعبين من قيمة هاشم مستور ومنير الحدادي، “مما يضعف الدوري المحلي ومعه المنتخبات الوطنية”، مضيفاً أنه واع بهذا الواقع الذي باتت تعيشه الكرة الوطنية والذي يفسره شح إلى انعدام تصدير مواهب من البطولة المغربية إلى أوروبا في إطار الاحتراف.
وأضاف لاركيت أنه يعمل إلى جانب بيير مورلان وحسن حرمة الله داخل الإدارة التقنية الوطنية على وضع أساس سليم لكرة القدم بالمغرب، عن طريق تكوين أطر قادرة على احتضان وتكوين جيل جديد من المواهب الشابة، مع تفعيل دور العصب في الاكتشاف والتأطير، إلى جانب استراتيجيات أخرى ترمي إلى تقليص الهوة بين الكرة الأوروبية والمحلية.