الخوف من بلوغ فيروس إيبولا الأراضي المغربية وإصابة المواطنين المغاربة بهذا المرض الفتاك، كانت محور الدفوعات المغربية لإقناع الكونفدرالية الإفريقية بضرورة تأجيل المسابقة القارية إلى موعد لاحق. دفوعات ردت “كاف” بأنها مبالغ فيها وغير كافية لتغيير موعد يدخل ضمن أجندة إفريقية تتضمن مجموعة من التظاهرات القارية الأخرى.
وبالرغم من أن المسؤولين المغاربة ما فتئوا يؤكدون أن القرار النهائي بشأن مصير “الكان” سيتم اتخاذه بالتشاور وبمراعاة تامة لحقوق والتزامات جميع الأطراف، وأن هناك اتصالات يومية احترافية بين الجانبين، غير أن الواقع أظهر غير ذلك، بعد أن صد “كاف” الطلب المغربي ووضعه في موقف حرج، إذ خيره بين التنظيم أو الانسحاب، وما قد يسفر عنه من عقوبات ستضر لا محالة بالكرة المغربية.
فهل يملك إيبولا وفقا للتطورات الجديدة القدرة على الدفع بالمغرب إلى الانسحاب من تنظيم الحدث القاري، لما سيخلفه من ضرر صحي واقتصادي على المملكة، أم أن الرد الدقيق “للكاف” والذي تضمن الإجابة على جميع مخاوف المغرب، أضعف الموقف المغربي، مع تعالي أصوات حقوقية تستغرب لقرار طلب التأجيل “مع ضعف إمكانية انتقاله إلى الأراضي المغربية”.
احتِضان المغرب للـ”موندياليتو”
ركز “كاف” خلال رده على طلب تأجيل “الكان” على احتضان المغرب لمنافسة دولية من قيمة كأس العالم للأندية أياما قليلة قبل انطلاق كأس إفريقيا للأمم، وتثبيتها في وقتها المحدد، دون التخوف من خطر تسرب فيروس إيبولا إليه، بما أن إسبانيا قد سجلت بدورها حالات إصابة بالمرض، مشيرا في البلاغ ذاته إلى أن المنافسة العالمية ستستقطب جماهير غفيرة أكبر من التي ستزحف إلى المغرب لمتابعة “الكان”.
واعتبرت الكونفدرالية الإفريقية تنظيم المغرب للمحفل العالمي، مقابل التخلي على العرس الإفريقي شيئا غير مقبول، وهو ما دفعها أيضا إلى التشبث بموقفها الرافض لتغيير تاريخ المسابقة، مع العلم أن عشاق ريال مدريد القادمون من إسبانيا سيتقاطرون بغزارة على المغرب، مستغلين القرب الجغرافي بين البلدين.
بين الألف والمليون !
الجهاز الوصي على اللعبة في القارة الإفريقية توقع ألا يتجاوز عدد المسافرين إلى المغرب لمتابعة “الكان” ألف مشجع، بالنظر إلى القدرة الشرائية المحدودة لمواطني إفريقيا جنوب الصحراء، مستثنيا الجمهور الذي قد يستغل القرب الجغرافي من المغرب لشد الرحال ومتابعة المسابقة من الملاعب، والحديث هنا على القاطنين بالجزائر وتونس والأفارقة القاطنين بهذه الدول، مضيفا أن السيطرة ومتابعة الوافدين على المغرب سيكون ممكنا.
هذا في الوقت الذي أكد فيه عدد من المسؤولين المغاربة وفي مقدمتهم محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، أن المغرب وفي حال تنظيمه للتظاهرة القارية فإنه ينتظر أن يستقبل قرابة المليون مشجع من مختلف البلدان الإفريقية المشاركة في هذا الحدث. وهنا يظهر الاختلاف مرة أخرى بين الجانبين.
“كاف” والمغرب نَجَحا في تطبيق توصيات الـ OMS
نجاح الاتحاد الإفريقي في تنظيم عدد من التظاهرات التابعة لها وآخرها كأس إفريقيا للسيدات التي احتضنتها ناميبيا دون تسجيل أي حالة إصابة بالمرض، اعتبرتها “كاف” نقطة قوة بعد اتخاذها لجميع التدابير والاحتياطات التي نصت عليها المنظمة العالمية للصحة والتي تنبه إلى التعامل بطرق معينة مع الوافدين من البلدان الموبوءة.
“كاف” أشارت أيضا إلى استضافة المغرب لمباريات غينيا في إطار تصفيات أمم إفريقيا، ونجاحها في خوض هذه التجربة دون حدوث أي تسرب للمرض أو تسجيل حالة مشكوك في أمرها، وهو ما يؤكد السيطرة التامة على الفيروس في حال تم اتخاذ جميع الخطوات الاحترازية.
تضاؤل حظوظ غينيا في بلوغ “الكان”
من بين الأمور التي ركزت عليها الكونفدرالية الإفريقية أيضا في تبرير رفضها للطلب المغربي هو خروج كل من ليبيريا وسيراليون من سباق التأهل إلى كأس أمم إفريقيا، مع وجود فرص ضئيلة للمنتخب الغيني الذي يحتل المركز الأخير في مجموعته برصيد أربع نقاط.
وفي حال أقصي المنتخب الغيني رسميا من تصفيات “الكان”، فسيكون المغرب بمنأى عن خطر تنقل جمهور هذا البلد إلى المغرب، بما أنه أحد البلدان الموبوءة إلى جانب سيراليون وليبيريا.
ووفقا لهذه المعطيات تنتظر الكونفدرالية الإفريقية الرد النهائي للمغرب السبت المقبل بالموافقة على تنظيم التظاهرة في موعدها المحددة سلفا، أو رفضها ذلك، وهو ما سيدفع “كاف” إلى نقل المسابقة إلى بلد آخر، أو إلغاؤها في حال تعذر عليها إيجاد مستضيف جديد.