التلاعب في مباريات البطولة الوطنية بمختلف أقسامها ومافيـا الملاعب

8 سبتمبر 2013
التلاعب في مباريات البطولة الوطنية بمختلف أقسامها ومافيـا الملاعب

التلاعب بنتائج المباريات ظاهرة تحدث خلف الكواليس والغرف المغلقة. هناك إداريون يتوّلون مهمة التنسيق لشراء أو بيع مباريات، وهناك مدربون، وهناك لاعبون قدامى يتوسطون في تلك المهمة. وقد وقعت مشاكل بعد أن بلغت بعض فضائح “البيع والشراء” ردهات المحاكم. مجلة “الآن” تعرض، هنا، بعض قصص هذه الآفة التي تنشط مع نهاية كل موسم رياضيّ.
“أقسم بالله، وبعد كل تجربتي في القسم الوطني الثاني.. ليس هناك من فريق حقق الصعود، دون أن ينخرط في عمليات البيع والشراء.. هذه العملية يشارك فيها الكثيرون من الحكام، والمدربين، والمسيرين والصحافيين “.. هذا مقتطف من تصريح للإطار الوطني عبد الرزاق خيري، كان قد أدلى به في الخرجة الإعلامية التي قام بها في وقت سابق، عندما كان يشرف على تدريب الجمعية السلاوية؛ وهو ما يؤكد بالملموس أن عملية “البيع والشراء” ظاهرة متفشية بقوة في كرة القدم الوطنية. وهناك قصصٌ كثيرةٌ بقيت طيّ الكتمان في ما يخص الطرق الملتوية التي كانت تتم من خلالها عملية التلاعب بنتائج المباريات داخل البطولة الوطنية لكرة القدم بكل أقسامها؛ لكن سرد بعض هذه القصص، التي تكشف للمرة الأولى، يترك انطباعا بأن “مافيا” حقيقية أبطالها “سماسرة” كانوا وراء هذه الآفة المضرة والفتاكة بأخلاقيات كرة القدم المغربية. أكثر من مسؤول تحدّث عن وجود عملية البيع والشراء في بعض المباريات؛ غير أن الجميع تحفّظ عن ذكر أسماء المتورطين في هذه الآفة السلبية، وبحكم أن اللعب غير النظيف يتم من تحت الطاولة.
الهواة مرتع خصب
لا يختلف اثنان في أن قسم الهواة يعد مرتعا خصبا لآفة “البيع والشراء”؛ فقبل أسابيع قليلة، تحدث بعض المتتبعين للبطولة الوطنية في قسم الهواة عن فضيحة اعتقال رئيس فريق متلبسا برشوة لاعب في قسم الهواة، وألقت المصالح الأمنية التابعة لمنطقة أكدال الرياض بالعاصمة الرباط القبض على رئيس اتحاد تاونات ولاعب فريق وداد تمارة، الغيني محمد كامارا، داخل سيارة المسؤول الرياضي بالقرب من المركز التجاري «مرجان» بحي الرياض بالمحاذاة من الطريق السيار. وكشف مصدر رفض الكشف عن اسمه أن الشرطة وجدت داخل السيارة مبلغ 20 ألف درهم كان المسؤول التاوناتي ينوي تقديمها كرشوة للاعب المذكور للتقاعس خلال المباراة التي جمعت بين الفريقين ضمن فعاليات الجولة الـ27 من بطولة القسم الوطني الأول هواة. واستطرد المصدر ذاته قائلا: “لقد اتصل المسؤول بلاعبنا وطلب لقاءه قبل أن يعاود بعدها الاتصال به ليطلب منه التلاعب في نتيجة المباراة التي جمعت الفريقين بالملعب البلدي بتمارة”. وتابع المصدر نفسه متحدثا: “لقد أخبرنا اللاعب بالاتصال الذي تلقاه ووضعنا معا خطة بهدف ضبط المسؤول متلبسا بتهمة الرشوة، واتفقنا على أن يتوجه بعض أعضاء المكتب المسير لوداد تمارة نحو المكان المحدد”، وزاد قائلا: “وصل لاعبنا إلى المكان المحدد وصعد سيارة الرئيس الذي مدّه بمبلغ ألف درهم ووعده بمنحه ما تبقى من مبلغ 20 ألف درهم في حالة تقاعسه في المباراة ومساعدة فريقه على الفوز، وذلك مباشرة بعد نهاية المواجهة؛ فقمنا، فورا، بمحاصرة السيارة في انتظار قدوم رجال الأمن، والقضية ما زالت أمام القضاء”. وفي سنة 2012، ضبطت عناصر الشرطة بمكناس أحد لاعبي وداد صفرو، المنتمي إلى القسم الوطني الثاني هواة شطر الشمال الشرقي، متلبسا بتقديم رشوة 5000 ألف درهم كدفعة أولى، على أن يسلم الباقي المحدد في 15 ألف درهم، للتلاعب وقتها بنتيجة مباراة فريقه وداد صفرو أمام فتح ويسلان. وحسب رواية مصدر قريب من المكتب المسير لجمعية فتح ويسلان الذي عاصر الواقعة، فقد أكد لمجلة “الآن” أن بعض مسؤولي وداد صفرو ربطوا، وقتها، الاتصال ببعض اللاعبين قصد التلاعب بنتيجة اللقاء؛ وحين إخبار رئيس الفريق بالواقعة، طلب منهم مواصلة المفاوضات من أجل كسب المزيد من الوقت. في المقابل، أشعر النيابة العامة، التي أمرت مصالح الشرطة القضائية بوضع الجميع تحت المراقبة، إلى أن تم ضبط اللاعب متلبسا وبحوزته المبلغ لتقديمه للاعبين. ويؤكد المصدر ذاته أن القصة بدأت قبل أسبوع من موعد المباراة، إذ تلقى لاعبو فتح ويسلان اتصالا هاتفيا من مجموعة من لاعبي فريق وداد صفرو يقترحون عليهم التلاعب في مباراة الفريقين، ليقرر لاعبو ويسلان رفع القضية إلى رئيس الفريق الذي أخبر الشرطة بما حدث، وطالب لاعبيه بالتعاون مع الشرطة من أجل الإيقاع بـ”الراشين” وفضح عملية التلاعب، حينها قرر لاعبو فتح ويسلان الرد بالإيجاب على اقتراح لاعب وداد صفرو وطلبوا مبلغا ماليا بقيمة 20 ألف درهم مقابل تسهيل مأمورية وداد صفرو في المباراة، ليحدد يوما كان وقتها يوم الجمعة، إذ التقى لاعب من وداد صفرو بعميد فريق فتح ويسلان، ويتسلم هذا الأخير مبلغا بقيمة 5000 درهم، على أن يتسلم بقية المبلغ مباشرة بعد نهاية المباراة، ليفاجأ لاعب وداد صفرو مباشرة بعد تسليمه للاعب فتح ويسلان المبلغ المتفق عليه بإلقاء القبض عليه من طرف شرطة مكناس؛ غير أن مسؤولي فريق وداد صفرو نفوا نفيا قاطعا حينئذ ما نسب إليهم.
الحراس أكبر المستهدفين
عملية استدراج بعض اللاعبين للتلاعب بنتيجة المباريات تكون على قدر أهمية هذا اللاعب أو ذاك في الفريق، ويبقى حراس المرمى والمدافعون أبرز المستهدفين. أبرز واقعة دالة على هذا الأمر هي تلك التي اعترف فيها، في وقت سابق، الحسين أمسا، الحارس السابق لفريق الاتحاد الزموري للخميسات لكرة القدم، بتلقيه لعروض مغرية من فرق القسم الثاني لـ”بيع” بعض المباريات. وتعدّ شهادة هذا الحارس من بين الشهادات التي تؤكد أن التلاعب في المباريات حقيقة لا يمكن تجاهلها، إذ فجّر الحارس السابق لفريق الاتحاد الزموري للخميسات لكرة القدم هذا الموضوع، من خلال تصريح أدلى به لإحدى الإذاعات الوطنية عام 2011، مؤكدا أن مجهولا اتصل به لفائدة فريق اتحاد أيت ملول، الذي كان ينافس وقتها الاتحاد الزموري على الصعود، فعرض عليه أحد “السماسرة” مبلغ 20 مليون سنتيم لتمكين الفريق الملولي من الفوز، وبالتالي الصعود إلى القسم الممتاز، إلا أن أمسا، حسب تصريحه دائما، رفض العرض. فيما نفى، ساعتها، المسؤولون عن الفريق الملولي ارتباطهم بهذه الواقعة، واعتبروها من كيد الكائدين. وفي العام ذاته وفي القسم نفسه، أثارت التصريحات التي أدلى بها محمد شكري، الرئيس السابق للجمعية الرياضية السلاوية لكرة القدم، ضجة كبيرة. شكري كشف أن بعض “السماسرة” ربطوا اتصالهم بحارس الفريق وقتها، مراد بنونة، من أجل التلاعب في المباراة التي جمعت فارس أبي رقراق بشباب المحمدية. وقال رئيس الفريق السلاوي، في تصريح له وقتها، إن أحد السماسرة اتصل بالحارس بنونة وعرض عليه مبلغ 10 ملايين سنتيم من أجل “أن يخدم الماتش”؛ وهو ما جعل الأخير يتصل بالمكتب المسير للفريق المحلي ويخبره بهذه الواقعة، لكن المسؤولين عن شباب المحمدية علقوا وقتها على ذلك بالقول إن مثل هذه الاتهامات تسعى إلى تشويه سمعة الفريق والنيل منه.  تأسيسا على الكثير من الاتهامات التي توجه هنا وهناك وتثبت بعضها عدة وقائع، يبدو أن الأجواء العامة داخل الشأن الرياضي ببلادنا جد ملوثة، وتتداخل فيها العديد من الأطراف التي تساهم سواء من قريب أو بعيد على تسميمها، والغريب أن بعضا من ذوي السوابق في التلاعب بالمباريات وصلوا إلى دواليب التسيير، فيما فضل البعض الآخر الرحيل في صمت حتى لا تلتصق بهم مثل هذه الاتهامات.

 الآن / صلاح مغاني

YLcRW

الاخبار العاجلة